بحث: صناعة الخطاب الاعلامي وتأثيره على المجتمع العراقي




تعد وسائل الاعلام هي الوسيط الاساس الذي نتلقى منه معلوماتنا عن العالم الخارجي ,والصورة هي مادتها الاساسية بوصفها اعادة بناء الواقع في نسق تمثيلي يستوعبه الوعي الانساني. فلوسائل الاعلام دور كبير في الترويض السايكولوجي والفكري, والتضليل والتلاعب الايديولوجي.

ونجد ان اتجاه وسائل الاعلام نحو (صحافة المستقبل) وهي الصحافة الالكترونية وآليات وسائل التواصل الاجتماعي بدات تفرض نفسها بدون استئذان من قانون دولة او خضوع لمعايير المهنة او اخلاقياتها وكما نرى تحولها بطريقة سريعة الى مصدر أساسي للمعلومات وتسندها أشرطة الفديو المصورة من قبل المواطن الاعلامي اوشهادات الناس المستقلين وغير المستقلين.

ان عملية اختلاق الاحداث والاخبار هذه لاتعد اشكالا بحد ذاتها مع الواقع الاعلامي لكن مايصاحب هذه الاختلاق من طريقة قولبة الخطاب الموجه ضمن تقنيات اسلوبية تبدو للمستقبل لها على انها منطقية ومتقبلة وتقترب من الواقع النفسي والذي يحياه المواطن المستقبل لذلك الخطاب رغم تمتع الخطاب بالانحياز والتعتيم والتهييج ليصل لحد الغاء الاهتمام بالقضية الاساسية للمواطن المستقبل ذاته.

ان الاعلام الحكومي يعاني الشلل المزمن في الاداء بسبب المحاصصة الطائفية والسياسية التي ادت الى ابعاد الكفاءات الاعلامية عن ادارة شبكة الاعلام العراقي، وبالتالي تقديم خطاب اعلامي عقيم، لا بل اصبحت الشبكة مجالا للتعليق واتخاذها كنموذج للفشل الاعلامي.

 

وخرج البحث بالنتائج التالية:

1. تعيش وسائل الاعلام الرسمية وغير الرسمية والمستقلة وغير المستقلة حالة انفلات اعلامي تبتعد فيه عن المعايير المهنية والاعلامية وبتغييب كامل لقوانين النشر وانتهاك متكرر ومستمر لقواعد ومواثيق وقوانين العمل الاعلامي من خلال عدم الالتزام بالمصداقية والشفافية والنزاهة والحيادية والموضوعية والتوازن في التغطية الاعلامية. بالاضافة الى مجهولية مصادر التمويل المالي الداخلي والخارجي للمؤسسات الاعلامية يثير الشك في مصداقية رسالتها الاعلامية ودورها الوطني. والاساءة الشخصية وانتهاك الخصوصية وتبادل الالفاظ المسيئة والاتهامات الباطلة غير الموثقة عبر وسائل الاعلام وكثرة الشكاوى المرفوعة من قبل المواطنين و السياسيين الى محكمة النشر والإعلام التي تأسست بعد عام 2003. 

2. تمارس جميع وسائل الاعلام المستقلة وغير المستقلة ستراتيجيات للخطاب الذي يستخدموه بدون ان يعلموا بذلك، وتمكنت وسائل الاعلام المغرضة والتي تدعى كونها عراقية بالاساس هذه الاستراتيجيات بحرفية كاملة اثناء ازمة الموصل ان كانت هي تعلم او لاتعلم بذلك . وغياب الخطاب الوطني الموحد إزاء الأحداث والأزمات والموضوعات المهمة،وبروز ظاهرة الانقسام والاختلاف في التغطية المتعلقة بحوادث الإرهاب والفساد والأزمات السياسية،وعدم الاتفاق على مصطلحات ومفاهيم محددة تمنع التأويل والالتباس مثل وصف العمليات الارهابية بالمقاومة والجهاد، ووصف مجرمي داعش ب(ثوار العشائر) ووصف الارهابيين المعتقلين ب(السجناء الأبرياء) وغيرها.

3. انحصر الاداء الاعلامي الحكومي بالمحاصصة السياسية التي ابعدت الكفاءات عن الاداء الحكومي والتعكز على ملاكات غير اعلامية. . وارتباط أغلب المؤسسات الاعلامية بأشخاص او احزاب سياسية ودينية وطائفية أو جهات خارجية جعل الخطاب الاعلامي مصبوغا بالانحياز الواضح وعدم التوازن في التغطية الاعلامية.ولانتجاهل الخوف والتهديد بالقتل الذي يسيطر على العاملين في مهنة الاعلام واستشهاد وإصابة المئات من الاعلاميين جعل من الحرية المفترضة لعنة على الاعلامي وليس امتيازا، واضطر الكثيرون للهجرة أو الصمت أو الانخراط في لعبة التجاذبات والمصالح الشخصية والفئوية بعيدا عن قواعد المهنة.

4. استثمرت وسائل الاعلام الحزبية ازمة الموصل ضمن سياسة احزابها،واستخدامهم لخطة الحسم واستثمار قرار المرجعية . الاستقطاب الطائفي والعرقي في ظل الأزمات التي رافقت العملية السياسية التي انعكست على الخطاب الاعلامي فأصبح خطابا متشنجا تحريضيا منحازا، لأن اغلب المؤسسات الاعلامية تابعة لجهات سياسية وليست مستقلة. اضافة الى التقصير من قبل المؤسسات الاعلامية في توفير المستلزمات المادية والاجهزة والتقنيات المتطورة وقلة التسهيلات التي تدعم المهنة الاعلامية وتساعد الاعلامي في اداء رسالته الشريفة.

5. اغلب القيادات الاعلامية تتولى مناصبها ليس وفق معايير الكفاءة العلمية والتجربة المهنية ويتم اختيارها في ظل اعتبارات العلاقات الشخصية أو الارتباط الحزبي او الانتماء الفئوي أو المحاصصة السياسية،ولا يوجد تنسيق وتكامل بين المؤسسات الاعلامية المهنية والمؤسسات الاكاديمية والتعليمية مثل كليات وأقسام الاعلام التي تزايدت اعدادها واصبحت تخرّج المئات من الاعلاميين سنويا، دون ان تتوفر لهم فرص التعيين و العمل والتدريب المهني. وعدم وجود دراسات جدوى علمية رصينة محايدة للمؤسسات الاعلامية وعدم اجراء دراسات ميدانية للجمهور والتوزيع وكيفية الوصول للفئات المستهدفة جعل اغلب المؤسسات تعمل في ظل نوع من العشوائية وغياب التنظيم والمتابعة.

6. دخول اعداد كبيرة من الهواة و الطارئين غير المدربين وغير المؤهلين للعمل الإعلامي رغم وجود عدد كبير في العراق من خريجي كليات الاعلام وأقسام الاعلام والحاصلين على الشهادات العليا في التخصصات الاعلامية. وإصدار الصحف والمجلات والمطبوعات وانشاء الاذاعات والتلفزيونات بدون قيود او شروط أو قوانين او رقابة من أية جهة في الدولة سمح بقيام شبه مؤسسات تفتقرلمقومات النجاح والأداء المهني الصحيح ولا تتوفر فيها التقاليد الرصينة للعمل الإعلامي،كما ان الزيادة الهائلة في الصحف والمجلات والإذاعات والقنوات كان يفترض ان يعكس التنوع والتخصص الاعلامي بيد أنها مع الاسف تكاد تكون نسخا متشابهة دون تميز واضح او تخصص لفائدة المتلقي.

التوصيات

- استحداث قوانين وتشريعها لتصبح نافذة تتحكم في سلطة وسائل الاعلام.

- اضافة مادة قطاعية للمواد التدريسية في كليات الاعلام بعنوان (تحليل الخطاب الاعلامي) وتعتبر كمنهجية رغم تضارب واختلاف المفاهيم والاطر النظرية الخاصة بتحليل الخطاب لكنه عموما يعتمد على علوم ومناهج اجتماعية عدة، كما يدمج بين المساهمات الحديثة والنقدية في مجال اللغويات واللغويات التطبيقية والنقد الادبي، ويزاوج بين التحليل اللغوي والسيميولوجي، ويستفيد من الاتجاهات الحديثة في التأويل، والتيارات النقدية في علم الاجتماع والانثربولوجيا، والدراسات الثقافية، وعلم النفس الاجتماعي.

- تحجيم القنوات الداخلية للاحزاب وفرض الرقابة المهنية على عملها.

- أعادة النظر بكفاءات الاعلام الحكومي وابعاده عن قانون المحاصصة الغير منصف.

 

للاطلاع على البحث بصورة كاملة اضغط على بحث

بيت الاعلام العراقى 



AM:10:47:29/01/2018




1196 عدد قراءة