بيت الشاعر العراقيّ الشهير الجواهري يتحوّل إلى متحف




للمرّة الأولى في العراق، تؤسّس السلطات المحليّة في بغداد العاصمة متحفاً خاصّاً بشاعر، بعد أن قرّرت أمانة بغداد في 10 أيّار/مايو من عام 2018، تحويل بيت الشاعر محمّد مهدي الجواهري، الذي يلقّب بـ"شاعر العرب الأكبر"، إلى متحف ومركز ثقافيّ، تكريماً لشعره ودوره الرائد في الثقافة العراقيّة.

ومحمّد مهدي الجواهري هو شاعر وأديب عراقيّ ولد في النّجف بـ26 تمّوز/يوليو من عام 1899 من أسرة برعت في علوم الدين، وارتدى عباءة علماء الدين وعمامتهم وهو في سنّ العاشرة. إنّه صاحب ريادة شعريّة وعمل في السياسة، حتّى أنّه اضطرّ إلى الهجرة من العراق بسبب معارضته لنظام صدّام حسين في عام 1980، وتوفي في سوريا بـ27 تمّوز/يوليو من عام 1997، ودفن هناك.

لقد لاقى مشروع المتحف احتفاء كبيراً من النخب الأدبيّة والثقافيّة في العراق، فضلاً عن المواطنين العاديّين الذين يتداولون شعره ويحفظونه عن ظهر قلب، مثلما يتداولون دوره السياسيّ ودفاعه عن الشعب وتمجيده لوطنه وتغنّيه به.

 وكشف عضو المكتب التنفيذيّ لاتّحاد الأدباء والكتّاب في العراق رياض الغريب في حديث لـ"المونيتور" عن أنّ "المشروع في أصله اقترحه عدد من الأدباء والمثقّفين، وتبنّاه الاتحاد الذي طرح الفكرة على الجهات المعنيّة وضغط عليها لكي تتبنّاه، وهو ما حدث بالفعل"، مشيراً إلى أنّ "هناك عضواً من المكتب التنفيذيّ لاتّحاد الأدباء في لجنة تأسيس المتحف".

واعتبر أنّ "تحويل منزل مبدع عراقيّ إلى متحف هو تكريم كبير لمنجزه الإبداعيّ، واعتراف حقيقيّ من قبل الدولة بأهميّة الأدب، بعد أن خسر العراق الكثير من البيوتات لفنّانين وأدباء مهمّين في حركة الثقافة العراقيّة"، لافتاً إلى أنّ "البيت سوف يتحوّل أيضاً إلى مركز ثقافيّ من خلال مكانته ورمزيّته، وسوف تقام فيه الأمسيات الأدبيّة والثقافيّة، وندوات البحوث وتعليم الشعر"، مؤكّداً أنّ "اتّحاد الكتّاب سوف يحرص على أن يكون المتحف قبلة الثقافة، وليس مكاناً لعرض حاجات الشاعر الخاصّة فقط".

وتعزّز دور أدباء العراق في الضغط باتّجاه الاعتراف بالمشروع من قبل السلطات، في حديث الشاعرة والكاتبة مديرة "منتدى العراقيّة الثقافيّ" التابع لشبكة الإعلام نجاة عبد الله لـ"المونيتور" عن أنّ "خطوة تحويل بيت الجواهري إلى متحف ما كانت ستبدأ لولا مناشدات المجالس الثقافيّة، فضلاً عن الأدباء والشعراء".

وليس أقرب إلى الموضوع من حفيدة الشاعر بان الجواهري، التي تحدّثت لـ"المونيتور" عن "موافقة الأسرة على تحويل البيت، الذي يحمل رقم 27/3 ويقع في حيّ الصحافيّين بمنطقة القادسيّة (جنوبيّ غرب بغداد) الذي عاش فيه الشاعر سنوات طويلة من عمره، إلى مركز ثقافيّ يضمّ متحفاً"، مشيرة إلى أنّ "المشروع انتقل إلى المرحلة العمليّة، بعد أن التقى أفراد الأسرة أمينة بغداد في 10 أيّار/مايو من عام 2018، والتي وعدتهم بأنّ المشروع سيكون بمستوى مكانة الشاعر العراقيّة والعالميّة".

ووصفت بان الجواهري البيت بأنّه "شيّد في عام 1971 بمساحة 550 متراً مربّعاً، حين كان الجواهري في ذلك الوقت رئيساً لاتّحاد الأدباء والكتّاب العراقيّين"، وقالت: "إنّ الإجراءات العقاريّة بتحويل ملكيّة المنزل إلى أمانة بغداد قد تمّت، وشرعت الشركات الهندسيّة والثقافيّة في إعداد خرائط المتحف التي تشير إلى ضرورة القيام بإعادة تأهيل شاملة للبيت بالصيانة والترميم، ليتناسب مع الهدف الجديد منه كمتحف".

ورأت أنّ أهميّة البيت تكمن في أن "الشاعر عاش فيه سنوات طوال قبل مغادرته العراق، وشهد نقاشات وحوارات ومعارك أدبيّة وسياسيّة بحضور نخب السياسة والأدب في العراق، فضلاً عن أنّه يضمّ مقتنيات الجواهري من دواوين و(العرقجين)، وهو غطاء الرأس الذي اشتهر به الشاعر، وساعات يدويّة ومسابح وصور ورسائل خاصّة وكتابات شخصيّة وميداليّات، إضافة إلى هدايا الرؤساء والملوك والشخصيّات المعروفة ونظّاراته الطبيّة".

وأفصحت عن "مفاوضات حول مقتنيات الجواهري الشخصيّة"، وقالت: "من الصعب التبرّع بها ووضعها في متحف، إلاّ إذا كانت هناك ضمانة كبيرة في أن تكون مؤمّنة وغير معرّضة للتلف والسرقة، ففي بلد تعرّض فيه المتحف الوطنيّ للآثار للسرقة والتخريب فمن الصعب التبرّع بمقتنيات جدّي، حتّى ولو دفعوا لي الملايين من الدولارات".

ودفن الجواهري في مقبرة السيّدة زينب بالعاصمة السوريّة دمشق، إلى جوار زوجته أمّونة جعفر الجواهري، التي وافاها الأجل عام 1992، فيما وجّه عدد من الشعراء والأدباء العراقيّين طلباً إلى رئيس الجمهوريّة جلال الطالباني في عام 2012، بنقل رفاته إلى مقبرة أسرته في النّجف بالعراق.

من جهته، وصف عضو المكتب التنفيذيّ لاتّحاد الأدباء والكتّاب في العراق الشاعر عارف الساعدي أهميّة المشروع لـ"المونيتور" في "كون العراق أحد أهمّ المصدّرين للطاقات الإبداعيّة والجماليّة، لكنّه لم يستطع بكلّ مؤسّساته أن يقبض على لحظات إبداعه"، معتبراً أنّ "مشروع تحويل بيت الجواهري إلى متحف هو لحظة تاريخيّة ومفصليّة في عمر الإبداع العراقيّ لأنّ بغداد مثلاً مرّ عليها آلاف المبدعين من شعراء وخطّاطين ومتصوّفين ومفكّرين، ولكن لم يبق من هؤلاء إلاّ الورق الأصفر في بطون الكتب".

واعتبر أنّ "قيام الأمانة بشراء بيت الجواهري وتحويله إلى متحف، لحظة عظيمة ومهمّة ستدفع باتّجاه السياحة الثقافيّة، ومن الممكن أن يتطوّر المكان ليصبح مركزاً للدراسات والبحوث".

وإذ اعتبر مدير إعلام وزارة الثقافة والمتحدّث الرسميّ باسمها الدكتور عمران العبيدي في حديث لـ"المونيتور" "الجواهري رمزاً وطنيّاً وقيمة عالميّة"، توقّع أن "يصبح المتحف مقصداً للزائرين من داخل العراق وخارجه"، داعياً "الذين يمتلكون مقتنيات وهدايا حصلوا عليها من الشاعر الراحل إلى تسليمها إلى المتحف للحفاظ عليها تخليداً لذكرى صاحبها".

دعوات عمران العبيدي يتوقّع لها أصداء جيّدة، حيث أنّ للجواهري مكانة عريقة لدى العراقيّين في الداخل والخارج، ولدى العرب عمو

بقلم: عدنان أبو زيد

al monitor



AM:11:19:07/06/2018




580 عدد قراءة