جدل حول قانون مصريّ لتنظيم عمل الصحافة والإعلام




القاهرة - وافق مجلس النوّاب المصريّ في 10 حزيران/يونيو على مشروع قانون لتنظيم عمل الصحافة والإعلام، وأحاله على مجلس الدولة لمراجعته، تمهيداً للموافقة النهائيّة عليه (يعود مرة أخرى للبرلمان للموافقة النهائية عليه ثم يصدق الرئيس عليه بعد ذلك). وتمّ تقسيم مشروع القانون إلى 3 مشاريع منفصلة، هي: قانون المجلس الأعلى للصحافة والإعلام، قانون الهيئة الوطنيّة للصحافة، وقانون الهيئة الوطنيّة للإعلام، وذلك لمنع التداخل بينها.

ووجّه صحافيّون ونوّاب في البرلمان وخبراء انتقادات للقانون، بسبب الصلاحيّات الممنوحة للمجلس الأعلى للصحافة والإعلام والهيئة الوطنّية للصحافة (حكوميّان) وكذلك مصادرة الحسابات الشخصيّة على مواقع التواصل الاجتماعيّ.

وعبّر أعضاء تكتّل "20 – 30" البرلمانيّ في بيان بـ12 حزيران/يونيو عن رفضهم لقوانين تنظيم الصحافة والإعلام، مؤكّدين أنّ موادّ قانون تنظيم الصحافة والإعلام 5 و10 و19 و29 تشكّل ردّة على الحريّات الصحافيّة، فضلاً عن مخالفتها الدستور.

وأصدر 4 أعضاء في مجلس نقابة الصحافيّين بـ11 حزيران/يونيو بياناً أعلنوا فيه رفضهم للقانون، مشيرين فيه إلى أنّ القانون الذي وافق عليه البرلمان صادم ويمثّل جهات بعينها تهدف إلى السيطرة على الصحافة القوميّة والخاصّة وإسكات صوتها.

وأشار الأعضاء إلى أنّه بحسب نصّ المادّتين ١٥ و٣٥ من قانون الهيئة الوطنيّة للصحافة أصبحت الهيئة تتولّى إدارة المؤسّسات الصحفية مباشرة وتسيطر على مجالس الإدارات والجمعيّات العموميّة التابعة للمؤسسات الوطنية، ولا تملك مؤسّسات مثل الأهرام والجمهورية اتّخاذ أيّ قرار مهمّ، إلاّ بموافقة الهيئة. وقالوا إنّ المادّتين ٤ و٥ من القانون الخاص بتنظيم الصحافة والإعلام تصادران الحريّات الصحافيّة بكلمات فضفاضة من نوعيّة بثّ الكراهيّة والتحريض وتهديد الديموقراطيّة والموادّ الإباحيّة وغيرها من كلمات غير منضبطة وغير مفهومة، فضلاً عن أنّ المادّة ١٩ من قانون المجلس الأعلى للإعلام تمنحه الحقّ في مراقبة الحسابات الشخصيّة وحجبها ووقفها على مواقع التواصل الاجتماعيّ، التي يزيد عدد متابعيها عن 5 آلاف شخص.

وقال عضو مجلس نقابة الصحافيّين خالد البلشي في تدوينة على "فيسبوك" بـ9 حزيران/يونيو: إنّ المادّة 19 من مشروع قانون المجلس الأعلى للإعلام تعدّ نموذجاً لفرض الصمت على الجميع، لما تعطيه من صلاحيّات للمجلس الأعلى للإعلام للسيطرة على كلّ ما ينشر على شبكة الإنترنت، بدءاً من المواقع الإلكترونيّة وحتّى المدوّنات والصفحات الشخصيّة.

واعتبر الخبير الإعلاميّ ياسر عبد العزيز مدير مكتب جريدة الشرق الأوسط في القاهرة أنّ الموافقة القانون ينطوي على جانب إيجابيّ، وهو تنفيذ استحقاق دستوريّ بملء الفراغ التشريعيّ الذي سيطر على تنظيم الصحافة والإعلام خلال الفترة الماضية منذ صدور قانون تنظيم الصحافة سنة 1996.

وأضاف في اتّصال هاتفيّ مع "المونيتور": هناك مخاوف على حريّة الرأي والتعبير، المتمثّلة في المادّة 19 من قانون المجلس الأعلى للصحافة والإعلام والتي تتيح غلق حسابات وصفحات إلكترونيّة خاصّة، إضافة إلى العقوبات المفروضة على الممارسات الإعلاميّة من خلال حظر النشر في بعض الحالات التي نصّ عليها القانون بمصطلحات فضفاضة، والتي تعطي سلطة تقديريّة للجهة المختصّة (المتمثلة في المجلس الأعلى للصحافة والإعلام).

وفي المقابل، نفى رئيس "الهيئة الوطنيّة للصحافة" كرم جبر أن تكون هناك سيطرة من قبل الهيئة على المؤسّسات الصحافيّة، وقال: إنّ مجلس إدارة المؤسّسة الصحافيّة، وفقاً للقانون، هو المهيمن على أعمالها ويتّخذ القرارات، ويتكوّن المجلس من 12 عضوا بخلاف رئيس مجلس الإدارة عضواً منهم 6 بالانتخاب و6 يتمّ تعيينهم من قبل رئيس مجلس الإدارة، ولا تتدخّل الهيئة في هذه الاختيارات ويكون دورها رقابيّاً فقط.

وعن الانتقادات الموجّهة إلى القانون بوجود موادّ مقيّدة للحريّات، أشار كرم جبر في اتّصال هاتفيّ مع "المونيتور" إلى أنّ القانون منع الحبس الاحتياطيّ للصحافيّين في القضايا المتعلّقة بالنشر. كما أنّ القضايا المتعلّقة بالسبّ والقذف تخضع للقانون الجنائيّ سواء أكانت ترتكب بواسطة الصحافة أم الأشخاص العاديّين، وإنّ حقّ التقاضي في هذه القضايا دستوريّ، ولا يجوز لأيّ قانون منعه، وقال: على من ينتقد أن يقرأ القانون جيّداً أوّلاً.

أضاف: القانون فيه جوانب كثيرة لصالح الصحافيّين، وصدر لإصلاح المؤسّسات الصحافيّة وإعادة هيكلتها ووضع لوائح إداريّة منضبطة وتحديد حدّ أدنى وأقصى لأجور الصحافيّين. ويعطي القانون أيضاً ضمانات الصحفيين في الصحف والمواقع الإلكترونيّة عند إغلاق المؤسّسات بضرورة حصولهم على مقابل ماديّ، وكذلك ضرورة وجود عقود والتزامات من جانب المواقع الإلكترونيّة للصحافيّين العاملين فيها.

بدوره، اعتبر رئيس لجنة الثقافة والإعلام والآثار في البرلمان أسامة هيكل أنّ القانون جاء لإصلاح وضع سيّئ كان يمرّ به الإعلام والصحافة، وهو يعدّ أكثر القوانين على الإطلاق التي تتضمّن نصوصاً وموادّ محدّدة تخصّ حريّة الصحافة والإعلام، وكذلك نصوصاً محدّدة في ما يخصّ حقوق الجمهور (من خلال وضع نظام لتلقي المجلس الأعلى للإعلام شكاوى من الجمهور تخص المواد الإعلامية وهو ما نصت عليه المادة 71 من قانون المجلس الاعلى للصحافة والإعلام)، وهو ما يحقّق التوازن، وقال في اتّصال هاتفيّ مع "المونيتور": في ما يخصّ غلق الحسابات الشخصيّة على مواقع التواصل الاجتماعيّ، فذلك لا يحدث إلاّ مع الحسابات التي يتعدّى متابعوها الـ5 آلاف شخص لأنّها بذلك تعامل معاملة الوسيلة الإعلاميّة وفي حال كان ما ينشر فيها شائعات وأكاذيب، ولكن لا يتعرّض القانون للآراء الشخصيّة المنشورة على هذه الحسابات.

أضاف: خلال عام من العمل على القانون، تمّت مراعاة كلّ الموادّ الدستوريّة، وخصوصاً الموادّ 70، 71، 72، 211، 212، و213، التي تكفل حريّة الصحافة والإعلام، والمحكمة الدستوريّة وحدها هي المختصّة بإثبات عكس ذلك.

من جهته، لفت رئيس مجلس النوّاب علي عبد العال خلال استعراض القانون في الجلسة العامّة لمجلس النواب بـ10 حزيران/يونيو، إلى أنّه راجع الموادّ الخاصّة بالعقوبات لتكون متوافقة مع الاتفاقيّات الدوليّة ذات الصلة بحريّة الصحافة والإعلام، مؤكّداً أنّ المشروع يكفل حريّة التعبير.


al-monitor



PM:02:24:21/06/2018




188 عدد قراءة