قانون الصحافة والإعلام المصري الجديد.. تفاصيله ومواده وأسباب الإعتراض عليه




في شهر حزيران/يونيو الماضي وافق البرلمان المصري بشكل مبدئي على مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام، وأحاله لمجلس الدولة لمراجعته تمهيدًا لمناقشته وإقراره.

مشروع القانون المزمع إصداره هو المكمل للقانون الذي صدر في نهاية عام 2016 بهدف ترتيب المطبخ الصحفي والاعلامي وتنظيم عمله من خلال 3 هيئات الوطنية للصحافة والوطنية للإعلام والمجلس الأعلى للإعلام.

3 فئات هي الأكثر استفادة من هذا القانون: الصحفيون العاطلون عن العمل، والصحفيون المتدربون، والصحفيون الالكترونيون.

للمرة الأولى استحدث المشرع في قانون الصحافة بعضًا من المواد بهدف ضبط السوق الصحفي، ومواكبة التغيرات التي طرأت عليه بدخول الصحافة الإلكترونية.

منها المادة 43 التي اشترطت على كل صحيفة ألا تقل نسبة المحررين بها من المقيدين بنقابة الصحفيين عن 50% من طاقة العمل الفعلية على أن تصل لـ70% بعد مرور عامين على صدورها، وهو ما يسمح باستيعاب السوق الصحفي للصحفيين النقابيين الذين توقفت صحفهم عن الصدور.

كما ألزمت المادة كل صحيفة بإرسال بيانات الصحفيين "المتدربين" لديها، وخطتها الزمنية لتوفيق أوضاعهم، وحددت مدة عامين كحد أقصى للتدريب الصحفي، وهو ما يغلق الباب للعمل الصحفي "بالسخرة" من قبل بعض الصحف التي تستغل "المتدربين" للعمل بدون حقوق وبلا غطاء قانوني.

المواد 6،35،40،41،54 من مشروع القانون حملت أيضًا للمرة الأولى تقنينًا لوضع المواقع الإلكترونية والقنوات الرقمية، وتنظيمًا لاستخدامها حيث نصت على عدم جواز عملها إلا بترخيص وضعت له شروطاً أهمها:

التقدم للمجلس الأعلى للإعلام بطلب يشمل اسم الموقع الإلكتروني، واسم ولقب وجنسية مالكه، ومحل إقامته، واللغة التي ينشر بها الموقع  الإلكتروني، ونوع المحتوى، والسياسة التحريرية، ومصادر التمويل، ونوع النشاط، والهيكل التحريري والإداري، وبيان الموازنة، والعنوان، واسم رئيس التحرير، ومكان نشر الموقع الإلكتروني.
أن يكون للموقع رئيس تحرير وعدد من المحررين يشرفون إشرافاً فعلياً على ما ينشر به، ويُشترط فيهم أن يكونوا من المقيدين بجدول المشتغلين بنقابة الصحفيين.
أن يكون رأسمال الصحيفة الالكترونية مئة ألف جنيه، والقناة التلفزيونية الرقمية نصف مليون جنيه على أن تودع نصف هذه المبالغ أحد البنوك المرخص لها  في مصر قبل بدء إجراءات تأسيس الصحيفة أو القناة، ولمدة سنة، للإنفاق على أعمالها ولسداد حقوق العاملين فيها في حال توقفها عن الصدور.
وحظر القانون إنشاء المواقع أو اطلاقها قبل استيفاء الشروط والبيانات المطلوبة، بينما استثنى من هذه الشروط المواقع الإلكترونية التي تصدرها أو تنشئها الهيئات  العامة.

برغم تلك المكتسبات اشتعل الوسط الصحفي عقب الإعلان عن مشروع القانون ما بين رافضين للمشروع برمته اعتبروه يشكل اعتداء على الدستور وردة واضحة عن الحريات الصحفية، ووصفوه بقانون إعدام الصحافة - بينهم 4 أعضاء في مجلس نقابة الصحفيين ونقيب الصحفيين السابق، ومن بين رافضين لبعض مواده وإن كانوا لم ينكروا ما وصوفوه بالإيجابيات التي يحققها القانون –على رأسهم رئيس الهيئة الوطنية للصحافة ونقيب الصحفيين وعدد من أعضاء مجلس النقابة-

مجلس نقابة الصحفيين المصريين رفض سلوك لجنة الإعلام في البرلمان التي تجاهلت معظم ملاحظات النقابة على النسخة الأولية من القانون، وحرصت على كتابة ذلك في صدر المشروع المرسل لمجلس الدولة.

فيما لم تعرض النسخة المعدلة من مشروع القانون على النقابة في مخالفة للمادة 77 من الدستور المصري والتي نصت على أن "يؤخذ رأي النقابات المهنية في مشروعات القوانين المتعلقة بها".

على خلفية ذلك، قرر مجلس نقابة الصحفيين المصري بالإجماع إرسال ملاحظاته والتعديلات المطلوبة على بعض المواد من مشروع القانون للبرلمان قبل إقراره.

فيما تقدم 183 صحفيًا مصريًا بطلب مكتوب لمجلس النقابة لعقد جمعية عمومية طارئة وفقا للمادة 32 من قانون النقابة للتصدي لما وصفوه بقانون تقييد الحريات.

بينما دشن عدد من الصحفيين المصريين - بينهم أعضاء من مجلس نقابة الصحفيين وعدد من كبار الصحفيين- حملة إلكترونية للتوقيع ضد مشروع القانون المزمع إصداره  تحت هاشتاغ "لا قانون اعدام الصحافة"، قاربت أعدادهم حتى الآن 800 صحفي من أعضاء النقابة.

أهم مواد مشروع القانون التي لاقت اعتراضًا من قطاع كبير من الجماعة الصحفية المصرية

المادة 29: لا يجوز الحبس الاحتياطي في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر  أو العلانية، فيما عدا الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد .

بوصفها تفتح الباب من جديد لعودة الحبس الاحتياطي للصحفيين في قضايا النشر، من خلال إساءة استخدام نصها الذي وصفوه بالمطاطي، بعدما خاض الصحفيون نضالاً طويلاً لإلغائه في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك.

نقيب الصحفيين عبدالمحسن سلامة  ورئيس الهيئة الوطنية للصحافة كرم جبر الذي وصف القانون بقانون انقاذ الصحافة طالبا أيضًا بإلغاء هذه المادة وذهب جبر بعيدًا بالحديث عن دعوة لشيوخ المهنة لبحث كيفية الخروج من مأزق المادة مادة 71 من الدستور المصري والتي تم استيحاء المادة 29 منها.

المادة 19 والتي أثارت جدلاً كبيرًا في المجتمع المصري بعدما وضعت للمرة الأولى من نوعها في مصر المدونات الإلكترونية والمواقع الالكترونية الشخصية وحسابات التواصل الاجتماعي بشرط بلوغ عدد المتابعين الخمسة الآلاف متابع أو أكثر تحت طائلة القانون بعبارات - وصفها معارضوه- بالمطاطية التي يمكن اساءة استخدامها مثل التحريض على الكراهية أو التعصب، وتسمح المادة للمجلس الأعلى للإعلام إضافة للمسؤولية الجنائية بوقف أو حجب الموقع أو المدونة أو الحساب المشار إليه بقرار منها.

وانتقد بيان للصحفيين مواد القانون التي تسمح للهيئة الوطنية للصحافة بالسيطرة على إدارة المؤسسات الصحفية القومية، ولا تملك المؤسسة اتخاذ أي قرار مهم إلا بموافقة الهيئة، التي أصبحت تحصل لنفسها أيضا على 1% من إيرادات المؤسسة وليس أرباحها، ورئيس الهيئة هو رئيس الجمعية العمومية في جميع المؤسسات.حيث تم للمرة الأولى في تاريخ الصحافة القومية تقليص تمثيل الصحفيين في مجالس إدارة المؤسسات إلى أدنى حد، وهو صحفيان بدلاً من أربع صحفيين من بين 13 عضوًا في مجلس الإدارة، وهو نفس الأمر الذي حدث في تشكيل الجمعيات العمومية ليصبح تمثيل الصحفيين اثنان فقط من بين 17 عضوًا.

المعارضون للقانون قالوا في بيانهم إنّ تلك المواد تفتح الباب على اتساعه لهيمنة الرأي الواحد وإقصاء المخالفين في الرأي، من خلال فرض سطوة المجلس الأعلى للإعلام على كل ما ينشر على الانترنت بشكل عام، بما فيها الصفحات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنحه الحق في وقفها وحجبها، وهو ما يشكل عدوانًا مباشرًا على حق المواطنين في التعبير عن آرائهم.

وحذر الموقّعون على البيان، من أن ما حوته مواد مشروع القانون من مواد تنال من حرية الرأي والتعبير، لن يدفع ثمنها الصحفيون وحدهم بل المجتمع بأسره.

الصحافة المصرية التي تمر بأسوأ فتراتها في ظل تراجع هائل لمعدلات التوزيع، وما صاحبه من انصراف القارئ عن الصحف الورقية، تنتظر من ينصفها وينقذها، خاصة بعد الخسائر المستمرة للمؤسسات القومية أو الحكومية والتي باتت تهدد وجودها.  

ijnet


PM:12:28:28/07/2018




264 عدد قراءة