العمود الثامن: نستأذنكم بالاحتفال
علي حسين

أُعلن أنني صاحب هذا العمود الذي يحتفل اليوم مع زملائه بدخول العام السادس عشر لصحيفة المدى، أنني لم أكن أعرف الديمقراطية جيداً، ولا أفهم أنظمتها الجديدة التي تشكلت في العراق، ولهذا أصرّ كلّ يوم على أن أُصدّع رؤوس القرّاء بمقالات مغرضة عن الخراب والانتهازية السياسية وغياب العدالة الاجتماعية والرشوة والفساد، وأُحرّض المواطنين السعداء على حكومتهم التي حققت إنجازات تفوّقت بها على بلدان مثل اليابان وألمانيا وسنغافورة!

إذن أنا رجل أسعى لتحويل الحقّ إلى ضلالة، مثلما كتبت بالأمس عن الفكرة العظيمة بتحويل مدرسة الراهبات إلى مول، فهبّ جميع السادة”المولييون”بصرخة رجل واحد وهم يعلنون :”لن تتحول مدرسة الراهبات إلى مول حتى يراق على جوانبها الدم”مع الاعتذار لعمّنا”أبو الطيّب المتنبي”، وهكذا أثبت يوماً بعد آخر أنني شخص مندس ومتورط مع منظمات دولية تريد تشويه صورة العراق وتحريف الحقائق.

ثم إنني كلما يحاول ساستنا”الأفاضل”الاحتفال بمنجزاتهم العمرانية والسياسية، أحاول من جانبي أن أعكّر صفو الأجواء، فأذكّر الناس بجزيرة صغيرها اسمها سنغافورة،وبعجوز توفي عن 91 عاماً اسمه لي كوان، أو أُردّد شامتاً مقولات لفقير هندي اسمه غاندي، يقولون إنه هزم بريطانيا العظمى وهو جالس يغزل أمام بيته، ولم يتوجّه الى التلفزيون يوماً ليلقي خطاب الثلاثاء، أو أصرّعلى إعادة حكاية عامل الأحذية الذي حوّل البرازيل من دولة فقيرة إلى ثامن قوة اقتصادية في العالم.. طبعاً أنا لا أريد أن أؤمن أنّ إطعام الشعب خطب وشعارات وتوسيع الفقر والمقابر، أهم من ساسة قالوا لشعوبهم: لاوقت لدينا للكلام إنه عصر العمل والإنتاج. 

والآن هل تستكثرون على ساستنا الأفاضل أن يشتموا الإعلام ويتهموه بالخيانة العظمى، وأنا الذي أريد تحويل الاحتفال بهذه المناسبة إلى عمود يسخر من منجزات التجربة العراقيّة الجديدة، لاعليكم سنحتفل بدخولنا العام السادس عشر، وننتظر العام السابع عشر، ونسعى إلى العام الخمسين،لأننا نؤمن أنّ هذه البلاد لايمكن لها أن تظلّ تحت رحمة مَن يعتقد أنّ الحكم ليس شراكة في الأحلام والنوايا الصادقة..سندخل العام السادس عشر ونحن نحاول أن نتجدد فى ظل ثورة اتصالات وانفجار وسائل التواصل الاجتماعى، وأن نسعى للحفاظ على مهنة الصحافة التي باتت مهددة فى حاضرها ومستقبلها. وأن نسهم بالقدر المستطاع في أن تبقى المدى المؤسسة والصحيفة منبر فكرٍ ورأىٍ وثقافةٍ فى وطن يستحقّ منّا أن نقدّم له الأفضل دوماً.
 
المدى

AM:02:49:08/08/2018