لليسار در:لا .. لحرية الصحافة
حسين عبد الرازق

في مفاجأة من العيار الثقيل وافق مجلس النواب يوم الأحد الماضي على القوانين المنظمة للصحافة والإعلام المقدمة من الحكومة ، وهي :
ـ مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام 
ـ مشروع المجلس الأعلى لتنظيم الاعلام 
ـ مشروع قانون الهيئة الوطنية للصحافة
ـ مشروع قانون الهيئة الوطنية للاعلام 
وقال رئيس مجلس النواب في اليوم التالي أن المجلس يوافق على قوانين الصحافة والإعلام بضمير مستريح لا سيما أنه يراعي المحددات الدستورية المنصوص عليها.

وعلى العكس استقبل شيوخ مهنة الصحافة والاعلام وعدد من أساتذة الصحافة والإعلام والخبراء وأربعة من أعضاء مجلس النقابة الحالي هم " جمال عبد الرحيم" و"محمد سعد عبد الحفيظ " و " عمرو بد " و" محمد كامل " بالاحتجاج والغضب والرفض ، خاصة وقد لجأ رئيس مجلس النواب إلى " لعبة الثلاث ورقات " في تنفيذ نص المادة (77) من الدستور والتي الزمت السلطات المختصة بأخذ رأي النقابة المهنية المختصة وهي هنا نقابتي الصحفيين والإعلاميين ، في مشروعات القوانين المتعلقة بها ، فقد عرض مجلس النواب على مجلس نقابة الصحفيين " قانون الصحافة والاعلام الموحد " الذي أعدته لجنة التشريعات الصحفية والاعلامية ، والتي ضمت ممثلين لكل الهيئات ذات الصلة بالصحافة والإعلام ، " نقابة الصحفيين ـ المجلس الأعلى للصحافة ـ العاملين في الإذاعة والتليفزيون الرسمي ـ ماسبيروـ نقابة الإعلاميين تحت التأسيس ـ النقابة العامة لعمال الصحافة والطباعة والنشر والإعلام ـ غرفة الاعلام المرئي والمسموع ـ رؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية ـ نقابة الصحفيين الالكتروني تحت التأسيس ـ و26 من الشخصيات العامة مثل " د. على عبد العال " ود. نجوى كامل ، ود. حمدي حسين ، وحسين عبد الرازق ، وأمينة شفيق ، ويحيى قلاش ، وياسر رزق ، . 

ثم قامت الحكومة ومجلس النواب بتقسيم القانون إلى أربعة مشروعات بقوانين ، وأدخلت عديد من التعديلات على المواد التي توافقت عليها لجنة التشريعات الصحفية والإعلامية ، وأقرها مجلس نقابة الصحفيين ، فأصبحنا أمام مشاريع قوانين جديدة تختلف جذرياً عن " مشروع القانون الموحد للصحافة والإعلام " الذي انتهت لجنة التشريعات الصحفية والإعلامية عليه ، من صياغته وإعلانه في 16 أغسطس 2015 في مؤتمر صحفي عقد بمقر نقابة الصحفيين ، وعرض خلاله " جلال عارف" رئيس المجلس الأعلى للصحافة ، بعد توافق كافة أطراف العملية الصحفية والاعلامية عليه ، والحكومة ومجلس النواب ملزمة بعرض مشاريع القوانين الجديدة على نقابة الصحفيين ، وإلا فستتعرض هذه القوانين ـ إذا صدرت ـ للطعن بعدم الدستورية . 

والأمر ليس دستورية أو عدم دستورية إجراءات الحكومة ومجلس نوابها ، ولكن وجود مواد في مشاريع القوانين تنتهك استقلال وحرية الصحافة، ويرفضها رأي عام صحفي مهتم ومتابعة لهذه المشروعات ، خاصة أعضاء مجلس النقابة الأربعة الذين أعلنوا رفضهم لمشاريع القوانين ونقدهم لغياب مجلس النقابة ومطالبتهم بعقد جلسة طارئة لمجلس النقابة لاتخاذ نقابة الصحفيين موقفا واضحا وعملياً لوقف إصدار هذه المشاريع المشبوهة . 

وتنصب الملاحظات النقدية لمشاريع القوانين الحكومية على عدد كبير من المواد . 
ـ فالمشروع بصفة عامة متخم بعبارات فضفاضة غير محددة المعنى ويمكن لأن جهة تفسيرها حسب هواها ، خاصة في المادتين 4 ، 5 من القانون الخاص بتنظيم الصحافة ، مثل ،" بث الكراهية " و" تهديد الديمقراطية " و" المواد الإباحية " ..الخ
ـ تم تقليص عدد الصحفيين في مجالس إدارات المؤسسات الصحفية إلى 2 من 12 هم أعضاء مجلس الإدارة ( المادة 39) وصحفيان فقط في الجمعية العمومية التي يتكون من 17 عضوا . 

ـ طبقا للقانون الجديد يتم تعيين نصف أعضاء مجلس الإدارة من خارج المؤسسة ، وأعضاء الجمعية العمومية الـ 17 منهم 11 من خارج المؤسسة . 

ـ حسب نص المادتين 15 و35 أصبحت الهيئة الوطنية للصحافة تقوم بإدارة المؤسسات الصحفية مباشرة وتسيطر تماما على مجالس الإدارات والجمعيات العمومية فلا تملك المؤسسة إتخاذ قراراتهم إلا بموافقة الهيئة ، ورئيس الهيئة هو رئيس الجمعية العمومية في جميع المؤسسات . 

ـ تم تجاهل المد الوجوبي لسن الـ 65 للصحفيين ، وأعطى قرارات المد للهيئة ، لمن تراهم " خبرات نادرة " . 
ـ تجاهل القانون الحديث عن مكافأة نهائة الخدمة للصحفيين ، وعن الكادر المالي . 

ـ لا يفرض القانون أي عقوبة على حجب المعلومات عن الصحفيين . 

ـ يتعامل القانون الجديد في معظم نصوصه مع المؤسسات القوميات باعتبارها شركات هادفة للربح ، وهو الطريق الأمثل للاتجاه لخصخصة هذه المؤسسات . 

ـ منح القانون الجديد المجلس الأعلى للاعلام حق توقيع العقوبة على الصحفيين " المادة30" في تناقض مع قانون نقابة الصحفيين والدستور الذي يقصر عمليه تأديب الصحفيين على النقابة فقط . 

ـ فرض القانون مبالغ هائلة لإصدار الصحف وإطلاق المواقع الالكترونية والقنوات الفضائية والتي تصل إلى ستة ملايين جنيه " 350 ألف دولار " لإصدار صحيفة يومية ، وخمسين مليون جنيه (3 مليون دولار) لبث قناة فضائية إخبارية . 

وقد اختار المشرع توقيت إصدار القانون بعناية ، فمجلس النواب وافق على مشاريع القوانين يوم (الاحد) 10 يونيو (2018) و10 يوليو في التاريخ النقابي والصحفي هو يوم حرية الصحافة الذي اسقط فيه الصحفيون قانون اعتيال حرية الصحافة وحماية الفساد (القانون رقم 93 لسنة 1995) وكأنه يقول للصحفيين والاعلاميين والرأي العام ، انتهى حلم استقلال حرية الصحافة ، وعدتم للخضوع للسلطة التنفيذية ولرئيسها تحديداً .


 
ا

المدى

AM:03:39:19/06/2018