الاعلام بين الحرية والفجور في الخصومة
جبريل العبيدي
رفع قميص عثمان والسباب والملاسنة ونشر الاكاذيب والرجم بالغيب لن يكون ابداً مفهوم الاعلام.
فحرية الاعلام تقف امام مصادرة الحقيقة والفكر وكبت حرية النشر وغياب المعلومة من المصدر. وهذا ماجعل جل الاعلام عامة والعربي خاصة، متأخر عن غيره في زمن العولمة والانترنيت. وقد يبرره غياب المهنية والحرفية في تقصي المعلومة الصحافية وتناول الخبر ضمن عناصره ( متى وأين وكيف ولماذا وماذا )، فعمل بعض الصحافيين ضمن أطار الدعاية الحزبية والفئوية، مما تسبب بأنتقائية الخبر لديهم، وبغياب الموضوعية والشفافية في التعاطي مع الخبر، كمصدر فقط لا غير، أضافة الى تناول الاشاعة والخبر المبتور، على انه المصدر المؤكد للمعلومة والتعامل مع الظن على انه يقين مادام ذلك في مصلحة الحزب او الفئة المناصر لها، مما تسبب بأرباك المشهد العام. وفي ذلك قال المفكر الصيني لاو في كتابه تاو " ان الحكيم في ادارته يفرغ العقول ويملأ البطون حتى اذا تحررت الناس من المعرفة لم يبق للمفكرين دور يلعبونه".

فالحديث بلغة واحدة قد لا يكون سبباً للتفاهم، فالامريكيون والبريطانيون شعبان تجمعهما لغة واحدة هي الانكليزية، كذلك العرب، ولعل هذا ينطبق على الاعلام العربي في زمن العولمة، اذ بدلاً من ان يصنع البعض اعلاماً ناجحاً، صار هناك اعلام راقص وآخر للشتم والسباب، بينما الصهيونية العالمية في البروتوكول الخامس ترى طريقاً للسيطرة على الآخر من خلال "الصحافة"، والتأثير في الرأي العام للناس عبر ثنائية غزل الكلام والانتقاد والتجريح وكيف يمكن لها القبض على أعنة الرأي العام، وكل يناصر فريقه على حساب الحقيقة.

واصبحنا لا نشاهد الصورة الا مجتزأة، تضطر البعض للبحث في مصادر متعددة لاستكمال الصورة، في محاولة لمحاكاة الاعلام الصهيوني في تعاطيه مع الخبر، في اشارة واضحة لقتل الحقيقة، التي لاتخدمهم، فهم من اغتصبوا حرية الصحافة وسيطروا على الاعلام وغيبوا الحقيقة.

رغم الزخم الاعلامي فأن الحقيقة غائبة، او تكاد تكون مغيبة بالمعنى الاصح، فالاعلام كان دائماً له الدور الفعال في تحريك الناس وتكوين أفكارهم وتصوراتهم للمشهد.

ان العبث والاسراف والاطناب في الكذب والتضليل، يجعل الحقيقة مغيبة، حتى في وجود شهود العيان. وفي حالنا هذا نحن نحتاج الى اعلام مستقل، شفاف مهني لاتحركه الاشاعة والخصومة كمصدر للخبر.

AM:03:44:06/01/2019