فتنة أبطال آسيا
إياد الصالحي

أمرٌ يدعو للغبطة أن ينبري صحفي رياضي لبلورة فكرة دعم عوائل خمسة من نجوم الكرة العراقية رحلوا عن الدنيا وتركوا مآثر بطولية تخلّد منجزاتهم لبلدهم،

ولقيت المبادرة هذه دعم محافظ العاصمة في وقت تخلّت جميع المؤسسات المعنية بالرياضة واللعبة خاصة عن دعم النجوم القدامى بمن فيهم الأندية التي مثّلها المكرّمون في احتفالية ملعب الشعب الدولي الاثنين التاسع والعشرين من تموز 2019.

اللاعبون الدوليون السابقون المتوفّون علي كاظم وناطق هاشم وعلي حسين ومنذر خلف وعباس رحيم - حسب أسبقية تمثيلهم الأندية والمنتخبات - عبر تاريخ حافل بالعطاء الثرّ ، كانوا يشغلون تفكير زميلنا ضياء حسين منذ فترة طويلة بهدف إيجاد مناسبة توفّر فرصة ثمينة لمساندة أسرهم التي تمر بظروف صعبة ، وتحقق له ما أراد عبر جمعه لاعبين مثلوا منتخبي أبطال آسيا 2007 بقيادة يونس محمود ومنتخب بغداد بقيادة أحمد راضي ، وأدار المباراة الحكم الدولي السابق حازم حسين وأشرف عليها حازم محمد علي ، وحظيت بدعم مباشر من محافظ بغداد فلاح الجزائري وحضور مشرّف من حشد كبير لرياضيين قدامى ، ولم ينغّص فرحة المبادرة سوى غياب الجمهور غير المبرّر على الاطلاق وإن تفنّن البعض بعرض أسبابه المختلفة!

إلى هنا أعطي كل ذي حقِّ حقه ، وسجّل التاريخ هذه المبادرة بعرفان وتقدير لمنظميها والمشاركين فيها ، ولكن .. من يردَّ على تساؤلات عوائل عشرات النجوم ممّن يمرّون في ظروف أصعب وأمرّ مما هم فيه عوائل النجوم الخمسة؟ من المسؤول عن اختيار الاسماء ووفقاً لأية معايير كروية واعتبارية إن لم نقل إنسانية خُصّص لهم ريع المباراة؟ هل يتوقف مفهوم التكريم عند اسماء بعينهم دون غيرهم إن كانت مناسبة الاحتفاء بهم الذكرى الثانية عشرة لانتزاع كأس آسيا 2007 والتي شهدت أعظم درس في مفاهيم التعايش الإنساني عندما وحّدَ هذا الانتصار الرياضي عموم الشعب بعد أيام حرجة سُفكت خلالها الدماء وأجتزأت صورة المأساة من تاريخ أرض الرافدين لتأتي هذه المباراة وتفرّق بين أبناء الكرة حتى وهم تحت التراب؟ 

كيف تخلى اتحاد كرة القدم عنهم وأساس بنيان تاريخه روته دماء ودموع أجيال صبورة نذروا أنفسهم لأفراح الشعب وخلّفوا البكاء لابنائِهم وأحفادهم المُهملين من الحكومات المتعاقبة طوال العقود التي تلت تأسيس منظومة اتحاد اللعبة عام 1948؟

أول من يُسأل ويُحاسب هو الكابتن يونس محمود رئيس رابطة اللاعبين الدوليين القدامى كيف ترضى على انتقائية الاسماء المُكرّمة دون غيرها ونحن على يقين أنك وافقت وشاركت وأحتفيت بذكرى آسيا دون أن تبدي رأياً مسؤولاً عن الفكرة ومضمونها؟ لقد كانت استعارة أبطال "الذكرى 12" محط فتنة بين عوائل النجوم القدامى وليست حَسَنة مثلما صوّرها المدافعون عن تنظيم المباراة ، كما أن فقر الحضور الجماهيري بعيداً عن أسبابه عَرّضَ قيمة انجاز آسيا للإهانة لعدم احترام ما تحقق من مكسب كبير عام 2007 ، وذلك ينبغي أن تُدرس كل حيثيات الاخفاق على مستوى التنظيم والدعاية والإعلام.

أدعو يونس محمود للاستفادة من جهود نجم الكرة السعودية الأسطورة ماجد عبدالله العضو المؤسس لجمعية لاعبي كرة القدم الخيرية عام 2015 تعنى بمساعدة اللاعبين الدوليين القادمى سواء كانوا دوليين أم لا ، تذلل مصاعب الحياة عن عوائل المتوفين منهم بعدالة عبر علاقات ماجد مع مؤسسات حكومية وأهلية تسهم في دعم صندوق الجمعية وكذلك تأمين مشاريع صغيرة تسعف اللاعبين العاطلين لتدبير شؤون حياتهم ، وتطوّرت الفكرة عام 2017 لتصبح "جمعية أصدقاء لاعبي كرة القدم الخيرية" لتشمل توفير ريع مناسب من رجال وسيدات أعمال وبنوك وشركات استثمارية يتبرّعون بما يجود كرمهم لسد احتياجات الجمعية في مجال معالجة المرضى ودفع إيجار السكن ومن يتعرّض الى كارثة وغيرها ، وتنال الجمعية اهتمام الدولة عبر وزارة الشؤون الاجتماعية وتقام مناسبات التكريم في الأعياد والمناسبات الوطنية والدينية التي تشعر اللاعب وأسرته بقيمة ما بذله للوطن.

ليطلق رئيس رابطة اللاعبين الدوليين السابقين تأسيس "جمعية التكافل الرياضي" تضم جميع لاعبي كرة القدم ممن يحتاجون للمساعدة فعلياً ويمكن أن تسهم الدولة برعاية الجمعية عبر منافذ عدة لوزارة الشباب والرياضة عبر استقطاع جزء من ريع أية مباراة في الدوري ، واللقاءات الدولية الرسمية والودية للمنتخبات على أرضنا ومن عقد أي لاعب محترف ، وإلزام أي شركة مُكلفة ببناء الملاعب للتبرّع أيضاً ، وكل من يستفيد من كرة القدم التي يقف اللاعبون "الجنود المضحّين" في طليعة المستحقين من خيرها بعدما عانوا من بلاء نقص الأموال والمرض في ظروف قاهرة.


المدى 

AM:10:00:03/08/2019