يقبل الناس على مشاهدة التلفزيون بغض النظر عن أوضاعهم الاجتماعية، فالرسالة التي ينقلها التلفزيون إلى الجمهور لا تحتاج إلى بذل جهود شاقة لفهمها، لذا يزيد الوقت الذي يقضيه الجمهور في متابعة التلفزيون عن الوقت الذي يقضيه في متابعة وسائل الاتصال الأخرى رغم انه لا يغنيه عن هذه الوسائل، ومن ثم تزداد احتمالات تأثره بالمضمون الذي يعرضه، وبذا يسهم في إكساب أفراد المجتمع أساليب مختلفة في السلوك الفردي والجماعي، وذلك من خلال توفير معلومات ما كانت لتتوافر لهم لولا تعرضهم له، فضلا عن إسهامه في تغيير المعرفة والاتجاهات عند قطاعات كبيرة من أفراد المجتمع من خلال تقديمه للرسالة الاتصالية بأشكال وأساليب مختلفة، وبما يتلاءم والمزايا التي يوفرها التلفزيون للقائمين عليه والتي من شانها جعل الرسالة الاتصالية أكثر جاذبية.
ويعد التلفزيون إحدى وسائل الاتصال الجماهيري التي ادت دورا فاعلا في بناء وتقدم المجتمعات، وذلك لقدرته على احتواء ميزات كل من الوسائل المقروءة والمسموعة ما جعله يؤثر بشكل سحري لمن يتعرض له، وتكمن أهميته للجمهور من خلال إشباع حاجاته في التثقيف والترفيه والتسلية بأساليب وقوالب فنية متنوعة، ويستقطب التلفزيون اهتمام الكثيرين، وذلك لما له من خصوصية تقنية مقارنة بالوسائل الأخرى، وما يرافق ذلك من زيادة في حجم الجمهور الذي يصله، والمزايا التي توفرها الشاشة من صوت وصورة وحركة وألوان.
وبما أن العراق يواجه حربا ضروسا تتكالب فيها كل قوى الشر الداخلية والخارجية للنيل من وحدته وتهديد النسيج الاجتماعي لشعبه، فأننا بحاجة إلى مختلف الوسائل الاتصالية في هذه المواجهة المصيرية ومنها وأهمها التلفزيون، وهنا اطرح مفهوم التلفزيون المكافح وذلك بأن يكون مضمونه مكافحا للإرهاب والعنف والتطرف والفساد بأشكاله كافة.
إن بعض القنوات التلفزيونية العاملة التي تبث من داخل العراق أو تلك التي اتخذت من دول أخرى مقرا لها تعمل على إذكاء الإرهاب والعنف والتطرف والفساد بدلا من مكافحته، فإذا كان ذلك عن قصد فان علينا أن نبحث عن أسباب ذلك والدوافع التي يريد القائمون على تلك القنوات تحقيقها ونبحث في إمكانية تغيير توجهها أو نحاربها ونسكت صوتها كما نحارب العدو في الميدان لأنها لا تقل خطورة عنه، وإذا كان ذلك عن غير قصد فإننا نعمل على تقويم خطابها بالنصح والمشورة.
إن المرحلة التي نعيشها بحاجة إلى تلفزيون مكافح يتصف بمضمون ذي توجه واضح وثابت في إعلان موقفه النابذ للإرهاب والعنف والتطرف والفساد، فضلا عن بيان جديته في معالجة ذلك والابتعاد عن الأطر التقليدية للمحتوى والبحث عن اطر جديدة أكثر تأثيرا، كما يستدعي أن يسخر التلفزيون المكافح التقنيات الحديثة بيسر وسهولة ودراسة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية واستيعاب رؤية الجمهور، كذلك يجب أن يمتلك التلفزيون المكافح القدرة على التصدي للأفكار والقيم المتطرفة والهدامة.
(الزمان)