أيها الشباب هل أنتم إيجابيون؟
حسن إسميك


"لا تنظر إلى النصف الفارغ من الكأس ولكن اُنظر إلى النصف الممتلئ" .. لأن الإيجابية: هي الخروج من التمركز حول الذات إلى الانفتاح على العالم الخارجي، والرغبة الحقيقية في إصلاح الذات وإصلاح المجتمع، ووجود إرادة التغيير للأفضل.

يواجه شبابنا اليوم العديد من المواقف التي تجعلهم يشعرون بالقلق في كيفية التعامل معها مما يعكس بعضا من السلبية على حياتهم ومشاعرهم وهنا تكون نقطة التحول أمام هؤلاء الشباب، فهل يستسلمون لهذه الظروف الطارئة أم أنهم سيرفعون شعار التحدي والإيجابية في مواجهتها وعدم السماح لها بأن تضعف من عزيمتهم أو تثنيهم عن المضي قدما في تحقيق أهدافهم ؟ لذا نتوقع من شبابنا أن يقيموا أنفسهم ويحددوا مواطن القوة لديهم فهي الدافع لتعزيز ذواتهم وتطوير أفكارهم من أجل رفع هرمون السعادة لديهم وتعميق الشعور بالإيجابية.

للإيجابية تأثير كبير في إعداد نفوس الشباب وبناء المجتمعات فالإنسان الإيجابي يسهم في نشر الطاقة الإيجابية بين الآخرين؛ فهو عضو فعال في المجتمع ونحن بحاجة لهذه الإيجابية لندحر الإشاعات ونطرد الأوهام ليغدوا مجتمعنا سليما خاليا من السلبية؛ فالسلبيون يميلون إلى تعقيد المشاكل بدلا من حلها ويسهمون في تدمير المجتمعات!


ونتساءل هنا كيف يمكن لشبابنا أن يحققوا الإيجابية لأنفسهم ولمجتمعهم؟
وذلك من خلال توظيفهم لمهارات التواصل الاجتماعي وتعزيز التفاعل مع الآخرين وتقبلهم والحوار معهم والانفتاح عليهم ، وأيضا تتحقق الإيجابية بالتخلص من النزعة التشاؤمية السلبية بتصالحهم مع ذاتهم والتفكير بطريقة "النحن" لا بطريقة "الأنا".
واتفق مع مقولة أن التفكير الإيجابي المتفائل: هو الميل الذي يجعل العقل يتقبل الأفكار والصور والكلمات التي تبسط كل ما هو معقد؛ حيث يتوقع الفرد نتائج إيجابية تؤدى إلى النجاح فيما يريده، أو يفكر فيه في المستقبل أو الحاضر.
إن التفكير الإيجابي له دور كبير في تقليل التوتر لدى الشباب وأيضا ينمي قدراتهم في حل المشكلات التي يواجهونها، وبالتالي سيساعدهم في منع التفكير السلبي من الاستحواذ على عقولهم وسلوكياتهم وتشكيل شخصيتهم في المستقبل.

فالتفكير الإيجابي أصبح أسلوب حياة بل يمكن أن نصفه بأنه علاج طبي ونفسي لنا؛ فكم من مريض مات بسبب الوهم والشعور بالإحباط واليأس وضعف الإرادة، وبالمقابل فقد انتصر الإيجابيون على أفتك الأمراض بالإيجابية لا بالدواء،تماماً كما قال ابن سينا: "الوهم نصف الداء، والاطمئنان نصف الدواء، والصبر أول خطوات الشفاء".
لذلك عليكم أيها الشباب أن لا تجعلوا الأفكار السلبية بأن تسيطر عليكم أو تتحكم بكم، فابتعدوا عن الإحباط واليأس وأوجدوا الحلول لكل مشكلة بإطلاق العنان للإيجابية في التعامل معها.

كن إيجابياً
أعجبني قول لروبرت ليجتون يقول فيه :"الزهرة التي تتبع الشمس تفعل ذلك حتى في اليوم المليء بالغيوم" ويقصد من ذلك؛ أن يكون الإنسان إيجابياً ويتجه نحو هدفه مهما أدلهمّت الخطوب؛ فالتفكير بإيجابية يحفِّز شعور التفاؤل داخل النفس فيدفع بها نحو القدرة على مواجهة تحديات الحياة ومصاعبها.

لذا فمن الضروري العمل على تمكين الشباب ليكونوا قادرين على تحمل مسؤولياتهم في المستقبل ولن يحدث هذا إلا بالاهتمام بهم وبتغيير نظرتهم لتكون إيجابية تجاه واقعهم ومستقبلهم؛ وذلك بإطلاق المبادرات التي تسهم بحل قضاياهم وفتح كل القنوات التي توصل آرائهم وتحدياتهم من أجل تقديم الحلول التي تحقق تفاعلهم بإيجابية مع مختلف قطاعات المجتمع. ولأن الإيجابية مرتبطة بتعزيز المواطنة الصالحة والهوية الوطنية أجد نفسي متوافقاً مع الرأي القائل: بأن ما نحمله من أفكار مخزّنة في عقلنا الباطن هو ما ينعكس إيجاباً أو سلباً على سلوكنا؛ وهذا معناه أن نملئ عقولنا بالأفكار الإيجابية حول ذواتنا والعالم؛ فالكلمات التي نرددها لأنفسنا هي البوصلة التي ترسم مسار حياتنا!

الإيجابية والتنمية
من الجميل أن يحمل شبابنا قيماً إيجابية تكون رصيداً لهم في مسيرتهم التنموية نحو المستقبل فالإيجابية من أسس التقدم وتحقيق ﻣﺆﺷــﺮات أﻫﺪاف التنمية؛ لهذا علينا الاستثمار في الشباب باعتبارهم اللبنة الأساسية لبناء المستقبل، وعندما نقوم بإشراكهم في مسيرة التنمية والنهضة ونمكنهم من قيادة عجلة التقدم سنشعر بحجم التغيير النوعي لمسارات حياتنا؛ لأن استثمار العقول الشبابية وتوظيفها بالشكل الإيجابي الصحيح سيقود إلى الابتكار والريادة.

ولقد اثبت شبابنا في كل مرحلة أنهم أهل للثقة في تحقيق التقدم ووضع بصماتهم الإيجابية من خلال مواكبة التطورات المتسارعة، وفي وقتنا الحالي علينا المضي قدما في تعزيز الإيجابية لديهم ليحققوا تطلعاتهم التي ينشدونها.

فلتبادروا أيها الشباب لتحقيق الإنجازات والإبداعات لترتقوا إلى القمة في مختلف مجالات الحياة، فأنتم من ستعبدون طريق النجاح والتميز والإبداع، وترسمون نهجاً سيسير عليه الآخرون من بعدكم.
وفي ظل هذه الجائحة التي نعيشها، شعر أغلب الشباب في العالم بالخوف والسلبية والإحباط بسبب الخسائر المادية في أكثر القطاعات، وظنوا أن الحياة ستتوقف وهم معذورون في تلك المخاوف لما ترتب عليها من تعميق أزماتهم التي يعانون منها.

وهنا يأتي دور الحكومات والقطاع الخاص في منطقتنا بإزالة هذه المخاوف عندهم؛ من خلال رفع معنوياتهم وبث الروح الإيجابية لديهم، وتقديم حزما من الدعم الاقتصادي ليستطيعوا التغلب على الآثار التي نتجت عن توقف عجلة الاقتصاد وفقدانهم لوظائفهم.

رسالتي إليكم أيها الشباب: أنه بالإيجابية نتخطى المستحيل ونكسر حاجز الخوف ونحقق الإنجازات؛ لأنها طاقة تبعث في نفوسنا الأمل في أن نغير واقعنا نحو الأفضل؛ من خلال توظيفنا لإمكاناتنا المتاحة، والنظر إلى نصف الكأس الممتلئ، وكما قيل: "إن الأمل يجعل للقدمين جناحين".
فهيا بنا لننطلق سوياً نحو الحياة بثقة وتفاؤل، وبأن غداً أجمل بإذن الله تعالى.

-elaph
AM:06:03:27/08/2020