مجرد هاجس
علي السراي
تحرّجتُ كثيراً قبل أن أجعل هذه السطور مطروحة للعلن، مخافة أن تُفسر على أنها موعظة وقد أكون من احتاجها، ولست في محل الواعظ، ولن أكون أبداً. 

لكنّها مجرد هاجس.
منذ ١٥ عاماً في مهنة الصحافة الصاخبة المضطربة، وأنا أتعلم – أتعلم حرفياً – كيف استفيق يومياً على فكرة - مرجعية: أنا اليوم تلميذ، وعليَّ التعلم. تعلمُ أيّ شيء.

في السنتين الأخيرتين شهدتُ صعود جيلٍ جديد من الشباب إلى هذه المهنة، وقد وجدَ بعضهم السوشال ميديا مكاناً ما يشبه هوليوود يمنح الجميع تذكرةً سريعةً شبه مجانية نحو القمر. 

فارق السرعة – السرعة بالمعنى الدقيق لـ "الهرولة" لا المهارة - اختلاف المعايير، سهولة الصيد وصيد ما يقفز جاهزاً إلى النظر، المؤهلات المعرفية المحدودة ومعرفة ما يسهل الحصول عليه وما يكون كافياً لتكونَ الـ trend خلال أقل من ساعة، الهالة التي توفرها عدسات الهواتف النقالة بأقل من نقرة، ستجعلك أمام قوةٍ لن يجاريها هوس باحث أو صحافي يسهر حافراً في الحقائق. 
أعلم أن هذا جدل عقيم قد يفهمه البعض، خطأً، أنه خلاف أجيال، وهذا غير صحيح لأنه جدل بشأن كفاية المعرفة في الإعلام أو فقرها لمن يتصدى لهذا الميدان.
 
لكن أصل هاجسي هو الأخلاقيات الجديدة التي تسيطر على وجوه معروفة من دون تعميم وإطلاق، ضاربة في الشهرة، متنمرة مصابة بالعمى، مكتفية بمطبخها "السفري". أخلاقيات – ومن التجني الاعتراف بامتلاكها المعايير – قد تضرب قنوات التبادل المعرفي في مقتل يستمر أثره لسنوات. 

ثمة اعتداد مرضي بهذه النقرة السريعة، وبهذه السطحية التي تغري الجميع، مثل صندوق هدايا مزين بأغلى زينة، من دون هدية.

AM:02:09:03/04/2019