هل الذكاء الاصطناعي بريء من «تحريف الأخبار»؟



مرة أخرى تتجدد المخاوف بشأن زيادة انتشار «المعلومات المضللة» مع الإعلان عن نتائج بحث جديد، تظهر «تحريف» الذكاء الاصطناعي للأخبار. وفي حين أبدى خبراء مخاوف من تقويض ثقة الجمهور في الأخبار، شددوا على ضرورة «حوكمة» الذكاء الاصطناعي.

وفق بحث نشره اتحاد الإذاعات الأوروبية وهيئة الإذاعة البريطانية، الأسبوع الماضي، فإن «تطبيقات الذكاء الاصطناعي باتت تحرّف محتوى الأخبار في نصف ردودها تقريباً». وتابع البحث أن «45 في المائة من ردود الذكاء الاصطناعي احتوت على مشكلة واحدة كبرى على الأقل، و81 في المائة منها تتضمن شكلاً من أشكال المشاكل».

وكان البحث المشار إليه قد درس 3 آلاف ردّ على أسئلة عن الأخبار من تطبيقات الذكاء الاصطناعي، هي «تشات جي بي تي» و«جيميناي» و«كوبايلوت» و«بربليكستي» بـ14 لغة مختلفة. وشارك فيه 22 مؤسسة إعلامية للخدمة العامة من 18 دولة. بينها؛ فرنسا وألمانيا وإسبانيا وأوكرانيا وبريطانيا والولايات المتحدة.

وبيّن البحث أن ثلث إجابات مساعدي الذكاء الاصطناعي أظهرت أخطاء جسيمة في المصادر، مثل الإسناد المفقود أو المضلل أو غير الصحيح، كما تضمنت 72 في المائة من ردود «جيميناي» مشاكل كبيرة في المصادر، مقارنة بأقل من 25 في المائة للتطبيقات الأخرى. وأضاف أنه «كانت هناك مشاكل في الدقة في 20 في المائة من ردود جميع تطبيقات الذكاء الاصطناعي محل الدراسة».

«اتحاد الإذاعات الأوروبية» أعرب، في تعليق له على الحصيلة، عن «مخاوفه» من أن يتسبب ذلك في «تقويض ثقة الجمهور في الأخبار»، خصوصاً مع زيادة الاعتماد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي بديلاً لمحركات البحث التقليدية. وقال جان فيليب دي تيندر، مدير الإعلام في «اتحاد الإذاعات الأوروبية»، في بيان صحافي نقلته «رويترز»، إنه «عندما لا يعرف الناس ما الذي يثقون به، ينتهي بهم الأمر إلى فقدان الثقة في أي شيء على الإطلاق».

من جهتها، صرّحت الدكتورة سالي حمود، الباحثة الإعلامية اللبنانية في شؤون الإعلام المعاصر والذكاء الاصطناعي، وأستاذة الإعلام والتواصل، لـ«الشرق الأوسط»، بالقول إن «الذكاء الاصطناعي، حتى هذه اللحظة يفتقر إلى كثير من الحوكمة، ما يجعل ردوده منحرفة وغير دقيقة بحسب المعلومات التي يجري تلقينه بها... والتحريف إنما يستهدف دعم سردية معينة على أخرى، ما جعل الذكاء الاصطناعي جزءاً من الصرع والحروب الحالية».

وأكدت حمود على «ضرورة أن يعي الصحافيون ذلك، وأن يضعوا ما ينتجونه من محتوى على المنصّات الرقمية في محاولة تغيير السرديات السائدة وتقليل انحراف الأخبار والمعلومات»، مشيرة إلى محاولات عدة لـ«حوكمة الذكاء الاصطناعي» ومشددة على «ضرورة مشاركة الجميع؛ باحثين وعلماء وإعلاميين في وضع أسس التعامل مع الذكاء الاصطناعي».

حمود اعتبرت من جانب آخر، أنه «لا بد من التعاون العربي في هذا المجال لحماية اللغة والسردية والفكر والثقافة العربية في ظل سيطرة السرديات الغربية»، وسط تزايد الاعتماد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي كمصادر للأخبار. وللعلم، وفق تقرير الأخبار الرقمية لعام 2025 الصادر عن «معهد رويترز» فإن نحو 7 في المائة من جميع متصفّحي الأخبار على الإنترنت و15 في المائة ممّن تقل أعمارهم عن 25 سنة يستخدمون تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الحصول على الأخبار.

محمد فتحي، الصحافي المصري المتخصص في الإعلام الرقمي، علّق أيضاً على هذا الموضوع فقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الذكاء الاصطناعي – في رأيه – يمثّل اليوم بالفعل تحدّياً وجودياً لسلامة المعلومات. وهو بدلاً من تحريف الأخبار... يختلق النموذج اللغوي الكبير حقائق تبدو مقنعة شكلاً، لكنها مضللة وغير صحيحة، ما يضخم التضليل المعلوماتي والتزييف العميق بكميات هائلة وبمصداقية شكلية فقط». وأردف فتحي: «هذا الواقع يبدّد الخط الفاصل بين الحقيقة والزيف، ويهدد ثقة المستخدمين في المحتوى الرقمي»، لافتاً في هذا الصدد إلى دراسة أخرى أفادت بأن «قدرة الإنسان على تمييز الفيديوهات المزيّفة تصل إلى نحو 24.5 في المائة فقط للفيديوهات العالية الجودة».




المصدر/ الشرق الاوسط



AM:10:49:20/11/2025




32 عدد قراءة