ما الذي حدث تلك الليلة في كركوك؟ حين زرعت شبكات التواصل الاجتماعي الرعب في صفوف المواطنين





تنظر أحلام الى الخارج من خلال النافذة بين الفينة والأخرى خشية حدوث تحرك أو هجوم مباغت ومخافة ان لا تتمكن من انقاذ أطفالها في غياب زوجها.

يقع منزل هذه السيدة في منطقة شركة طارق جنوبي مدينة كركوك، وهي منطقة بحسب وثائق مسربة للقوات الأمنية كان يُشتَبَه بأنها نقطة انطلاق هجوم لمسلحي تنظيم داعش.

أحلام رفعت، أم لثلاثة أطفال، رأت الوثيقة المسربة و قرأت الخبر في احدى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، فانتابها خوف كبير و ظلّت في حالة هلع حتى طلوع النهار.

تقول أحلام، "كنت أقترب من النافذة ثم أعود الى أطفالي، اتصلت بزوجي أكثر من 10 مرات وهو اتصل ايضاً، حيث يعمل كحارس لإحدى الشركات خارج مدينة كركوك ولم يكن تلك الليلة في المنزل."

من فرط الخوف والهلع الذي مرّت به تلك الليلة، قامت أحلام صباح اليوم التالي بإلغاء إعجاب عدد كبير من الصفحات على موقع فيسبوك لكي لا تقع عيناها مجدداً على أنباء مرعبة.

حسب متابعات (كركوك ناو)، الوثيقة التي سببت الرعب والهلع لـ(أحلام) نشرتها عدة صفحات خبرية وغيرها على شبكة فيسبوك، دون أن يُعرَف كيف تسربت تلك الوثيقة.


الوثيقة التي نُسِبَت الى قيادة غرفة العمليات المشتركة في كركوك، وُجّهَت في الساعة السادسة من مساء يوم الاثنين، 5 نيسان 2021 الى الأجهزة الأمنية المختلفة في المدينة، وأَشير فيها الى تسلل "14 مسلحاً لداعش" الى داخل المدينة، بناءً على معلومات استخباراتية.

وتمت الاشارة في تلك الوثيقة التي تأكدت (كركوك ناو) من صحتها من عدة مصادر الى أن المسلحين تسللوا عن طريق مركبة حمل محملة بمواد البناء وأنهم سيبدؤون بإطلاق القذائف من منطقة شركة طارق تمهيداً للإغارة على سجن التسفيرات في كركوك ومبنى المحكمة عن طريق انتحاريين.

مصدر أمني مطلع في كركوك طلب عدم الكشف عن اسمه، قال لـ(كركوك ناو) "نشر مثل تلك الوثائق أمر مؤسف، لا حاجة لبث الرعب والهلع بين المواطنين، مثل هذه الوثائق كثيرة جداً لكنها لم تكن تُنشَر في شبكات التواصل الاجتماعي وكانت القوا الأمنية تقوم بعملها."

في ليلة 5 نيسان 2021، وضعت كافة القوات الأمنية في كركوك في حالة تأهب بسبب أنباء عن تسلل مسلحي داعش، كما تم تكثيف اجراءات حظر التجوال من الساعة التاسعة مساءً لغاية الساعة السادسة من صباح اليوم التالي.

مصدر أمني آخر في كركوك قال لـ(كركوك ناو) "القوات الأمنية كانت متواجدة كسابق الأيام في نقاط التفتيش المؤقتة، الحمد لله لم يحصل أي شيء وواثقون من أن شيئاً لن يحصل، ليس من المنطقي أن لا تتمكن عدة أجهزة أمنية من التصدي لـ14 مسلحاً، لكن المؤسف هو أن تقوم صفحات مواقع التواصل ببث الرعب بين الناس."

لحد الآن، لم تدلي القوات الأمنية في كركوك بأية توضيحات حول تسريب تلك الوثيقة السرية و أنباء هجوم مسلحي داعش.

يقول أحمد نيازي، الساكن في حي العسكري بكركوك بأنه بعد رؤيته لخبر هجوم مسلحي داعش المحتمل في شبكات التواصل الاجتماعي، لم يستطيعوا النوم حتى الرابعة فجراً.

"لم يتمكن أي من أطفالنا من النوم بسبب الخوف والهلع"، حسبما قال أحمد لـ(كركوك ناو) منتقداً تسريب و نشر وثيقة سرية بهذا الشكل والذي قد يؤدي الى الكشف عن خطط القوات الأمنية لمواجهة أي طارئ.

لم تكن تلك المرة الأولى التي تنتشر فيها أخبار حول هجمات على كركوك في شبكات التواصل الاجتماعي، حيث تكرر هذا الأمر كثيراً خلال السنوات السابقة، بالأخص بعد  هجوم 2016، حين تسلل عدد من مسلحي داعش الى عدة أحياء داخل المدينة و دخلوا في مواجهات مسلحة مع القوات الأمنية.


عبدالكريم خليفة، باحث نفسي و اجتماعي، قال لـ(كركوك ناو) "نشر مثل هذه المعلومات الحساسة لن تخلق حالة من القلق النفسي فحسب، بل يكون لها تداعيات اجتماعية واقتصادية، لذا يجب أن يدع المواطنون هذه المهمة للجهات الأمنية ولا ينشغلوا بها لكي لا يتعرضوا للقلق النفسي."

وينصح عبدالكريم خليفة المواطنين بأن يحرصوا على إبقاء أطفالهم بمنأى عن الأخبار المتعلقة بالعنف.

 وعبر الباحث النفسي والاجتماعي عن أسفه لنشر مثل تلك الوثائق في شبكات التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي ينبغي أن يتم تبادل تلك المعلومات فيما بين الأجهزة الأمنية فقط ولا يُسمَح ببث الخوف والهلع بين الناس.

حسب متابعات (كركوك ناو)، ألقي القبض خلال الأسابيع الماضية على عدة أشخاص بتهم الارهاب و الانتماء لتنظيم داعش، آخرهم كان يوم الثلاثاء، 6 نيسان 2021 في قضاء الحويجة.

ويرى اللواء الركن المتقاعد جودت جهاد، مدير مكتب كركوك لمعهد الدراسات والبحوث الاجتماعية بأن تسريب المعلومات الأمنية و نشر تلك الوثائق في الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي يؤدي الى زعزعة استقرار المدينة.

"انتشار المركبات التابعة للقوات الأمنية والعسكرية في كركوك تمثل لوحدها رسالة للمواطنين مفادها أن الأمن مستتب و لا يوجد ما يدعو للخوف."

ويشعر جودت جهاد بالأسف لعدم التمكن من اغلاق تلك الصفحات التي تنشر أخباراً مماثلة و تخلق الرعب والخوف.

"الهدف الرئيسي وراء نشر تلك الأخبار على صفحات مواقع التواصل هو افساد الخطط الأمنية في المدينة ولا شيء غير ذلك."



PM:03:43:08/04/2021




976 عدد قراءة