"تخليت عن حضانة أطفالي".. عراقيات يحاولن الهروب من "وصمة داعش"




يعاني نحو 250 ألف عراقي أغلبهم من النساء والأطفال من "وصمة" انتماء بعض رجال عائلاتهم إلى تنظيم داعش الإرهابي مما جعل مجتمعاتهم تنبذهم، بالإضافة إلى تعرضهم لمضايقات أمنية وعدم حصولهم على مساعدات ومعونات من الدولة، وفقا لما ذكرت صحيفة "التايمز".

وقالت بلقيس والي، باحثة أولى في قسم الأزمات والنزاعات في منظمة هيومن رايتس ووتش، إن "الغالبية العظمى من تلك العائلات تعيلها نساء ليس لديهن القدرة على جني الأموال، وبالتالي يصبحن من الطبقة الدنيا لأنهن لا يمكنهن الهروب من وصمة عار داعش".

وتابعت: "في حال لم تبذل السلطات جهود كافية، فإن هناك مخاطر تتعلق بإمكانية اختراق الجماعات المتطرفة لتلك المجتمعات الفقيرة والمحرومة من حقوقها، وهذا أمر حدث في السابق".

وأضافت: "الأمر المثير للغضب والسخرية في نفس الوقت، هو اعتقاد المجتمع وبعض النخب أن أولئك النسوة كان لهن دور في قرارات أزوجهن أو آبائهن بشأن الانضمام أو التعامل مع داعش".

وبحسب تقارير إعلامية، فقد تفاقمت أزمة تلك العائلات بعد إقدام السلطات المختصة على إغلاق 15 مخيما كانت تضم عشرات آلاف من النازحين، فيما تسعى الحكومة العراقية لإغلاق المخيمات الثلاثة المتبقية خلال هذا العام.

وأشارت منظمات حقوقية إلى أن عدم وجود استراتيجية واضحة ومتكاملة لإعادة دمج تلك العائلات في المجتمع أدى إلى تعرضهم لأوضاع اقتصادية صعبة للغاية، بالإضافة إلى العديد من المخاطر كالاعتداءات الجنسية والإتجار بالبشر.

وأوضح مسؤول من المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، أنه بدون إيجاد حلول لمشاكل تلك الفئة وإدماجهم من جديد في المجتمع سيجعل تلك العائلات عرضة للتطرف والانضمام إلى الجماعات المتشددة.

وفي سياق متصل، ذكر تقرير "التايمز" أن العائلات التي تحصل على وثيقة أمنية تؤكد "براءتها من تنظيم" داعش بإمكانها أن تعيش حياة طبيعية، مشيرا إلى أنه بدون ذلك التصريح لا يمكن لأفراد تلك الأسر الحصول على العمل أو شراء ممتلكات أو حتى أن يحظوا بالعلاج والرعاية داخل المرافق الصحية الحكومية.

قصة "أم عمارة"
ومن أولئك الذين يعانون من "وصمة داعش" سيدة تدعى، أم عمارة (اسم مستعار) تبلغ من العمر حاليا 33 عاما، وكانت تعمل معلمة في إحدى مدارس الموصل، قبل سقوطها بيد التنظيم المتطرف.

وتقول أم عمارة إنها الآن باتت منبوذة وخسرت وصايتها على أطفالها الثلاثة، وتتابع: "كل ذنبي أن أربعة من أقارب زوجي كانوا يعملون في هيئة الحسبة (شرطة الآداب) سيئة الذكر والتي كانت تضيق على الناس وتؤذيهم وتمارس عليهم مختلف أصناف التعذيب".

وتشير تلك السيدة إلى أن أحد أطفالها دفن تحت الأنقاض أمام أعينها خلال معارك تحرير الموصل من داعش، فيما بقيت هي مستلقية وغير قادرة على الحركة وزوجها يلفظ أنفاسه على مرأى منها حتى حضر أحد الجنود في الصباح وساعدها في نقله ودفنه في أحد المقابر.

ولم تجد بعد ذلك أم عمارة مناصا، سوى الذهاب إلى أقليم كردستان بالعراق على أمل بدء حياة جديدة مع أطفالها في أربيل، ولكن بسبب عدم حيازتها على "تصريح البراءة" الرسمي، أقدمت السلطات الكردية على طردها وإعادتها إلى الموصل بعد أن خيروها بأن تتخلى عن وصاية أولادها الثلاثة لأقاربها في الأقليم.

وتتابع: "الخيار الوحيد الذي كان أمامي هو ترك أطفالي في أقليم كردستان والتخلي عن وصايتهم حتى يحظوا بحياة أفضل من طعام وكساء وتعليم على أمل أن أحصل على تصريح البراءة الذي سيعيد لي الأمل في الحياة"، إذ تقول أنها تعرضت للطرد من المدينة. 

وكان تقرير سابق لمنظمة هيومن رايتس ووتش صدر في العام 2018 أشار إلى أن اليأس دفع بعض النساء المقيمات في المخيمات إلى تطليق أزواجهن أو استصدار شهادات وفاة، ليتزوجن من رجال يُعتبرون "نظيفين" ليُسمح لهنّ بالرحيل.

وأشار التقرير إلى أن تلك الزيجات خلقت العديد من التعقيدات، لأن الأزواج الجدد لا يرغبون في تربية أطفال النساء بسبب "السمعة السيئة" لآبائهم، وعادة يبقى الأولاد مع آبائهم أو أقربائهم من جهة الأب إذا تزوجت أمهاتهم من جديد.



PM:01:49:12/04/2021




584 عدد قراءة