“الحبوبي” تساند “التحرير”: “الحقوق تنتزع ولا تعطى!”




"نرى اليوم تمسكاً من محتجي ساحة الحبوبي بتظاهرات العاصمة، لأنها الأمل المنعقد لتحقيق التغيير السياسي الذي نادت به ثورة تشرين".
"نحن وقود تظاهرات العراق التي يزيدها زخماً وحضوراً” يقول هشام محمد، أحد متظاهري ساحة "الحبوبي”، قبيل صعوده إلى الحافلة التي تقله مع عشرات من رفاقه للمشاركة في التظاهرات المركزية في بغداد للتأكيد على ان تظاهرات تشرين لازالت حية، وان حقوق العراقيين لا تموت طالما أن وراءها مطالبون. وساحة "الحبوبي” في الناصرية كانت من الساحات التي بقيت تنبض طوال الوقت تأكيداً على أن نبض تشرين لن يهدأ. 

هشام يرى ان الزخم لا بد ان يستمر، لأن المطالب التي سالت من أجلها الدماء لم تتحقق، لذا فإن "العودة اليها ضرورة وديمومتها مهمة” ولن يكون هناك زخم واضح لساحات التظاهر ان لم تجد فيها رمزية ساحة الحبوبي، التي بات يعتبرها ثوار تشرين "بيضة قبّان”، لأن "القمع والظلم الذي وقع عليها جعل منها شرارة متوهجة وغاضبة طوال الوقت” بحسب هشام.

ناطق الخفاجي احد المشرفين على تنسيق نقل المتظاهرين من الحبوبي إلى بغداد يصف متظاهري الحبوبي بانهم "رقم صعب في جميع المعادلات الاحتجاجية التي شهدها العراق بعد 2003 وهذا تجده بشكل جدي في اصرارهم الذي لا يخفت”، والدليل "انطلاق أكثر من 19 حافلة ضخمة من الناصرية إلى العاصمة للمشاركة”. 

إقرأوا أيضاً:

وتعدّ ساحة الحبوبي، الساحة الأكثر استعصاءً على القوات الحكومية والميليشيات المسلحة، مع تعرضها مراراً لأعمال عنف وتنكيل وشهدت مجازر كما حدث مع جسر الزيتون مع سقوط 45 قتيلاً وأكثر من 300 جريح في تشرين الثاني من العام 2019، بعد ان حاولت قوة حكومية استقدمت من بغداد الوصول إلى الساحة عبر الجسر حيث وقف المتظاهرون بأجسادهم سداً منيعاً دفاعاً عن ساحتهم.  

بسبب معاناة سكان الناصرية من الاهمال والافقار، يميل أهلها إلى رفع شعار "الحقوق تنتزع ولا تعطى”، ولهذا يتصدرون أي حراك يطالب بالحقوق، ويتحمسون للنضال من أجل تحقيقها.

الباحث امير دوشي يجد ان الطبيعة السكانية والجغرافية والاقتصادية للناصرية كانت قاسية على أهلها اذ جعلتهم دائمي التصدي للحكومات المتعاقبة عليها نتيجة الإهمال الذي تعرضوا له بالإضافة الى المستوى الثقافي والفكري لأبنائها، مما جعلهم محط اهتمام الجميع واخرها تظاهرات تشرين 2019 اذ أعطت الناصرية من دماء أبنائها وارواحهم في سبيل تحقيق المطالب الأساسية لشباب تشرين، والمتمثلة بتغيير الحكومة وانتخابات مبكرة والكشف عن قتلة المتظاهرين.

لهذا نرى اليوم تمسكاً من محتجي ساحة الحبوبي بتظاهرات العاصمة، لأنها الأمل المنعقد لتحقيق التغيير السياسي الذي نادت به ثورة تشرين.

آخر الهجمات قساوة ذلك الذي شنته ميليشيات تابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، عبر قيامها بالاعتداء على متظاهري الساحة بالعصي والهراوات والأسلحة النارية، واحرقت جميع الخيم في الساحة وسقط في ذلك الهجوم عشرة قتلى وتسعين جريحاً على الأقل، وكانت جميع هذه الهجمات على مرأى ومسمع من القوى الأمنية الحكومية. 

رئيس رابطة شهداء تظاهرات الناصرية عبد الله كشيش يرى ان مستوى التضحيات التي قدمتها ساحة الحبوبي لا يمكن مقارنتها ببقية المحافظات حتى بلغ مستوى القتل بالمتظاهرين حداً لا يطاق فالناصرية تصدرت محافظات العراق بعدد القتلى اذ بلغ حتى الان 149 قتيلا وهذا كبير بالقياس الى عدد سكانها في المقارنة مع باقي المحافظات.

كما سقط من ابنائها أكثر من 1000 جريح برصاص قوى الأمن والميليشيات، فضلاً عن خطف وترويع الكثير من المتظاهرين وأهلهم، لكن كل ذلك لم يؤد إلا إلى زيادة مستوى الإصرار على المطالبة بالحقوق وزيادة زخم الاحتجاج.

متظاهرو الناصرية الذين أحرقوا جميع مقرات الأحزاب السياسية والميليشات المسلحة خلال انطلاق حراك تشرين 2019، مع رفعهم شعار "الناصرية منزوعة الأحزاب”، زاد من نقمة الميليشيات والأحزاب السياسية التقليدية عليها، وجعلها تتعرض لأبشع انواع الهجمات من قبل ميليشيات مرتبطة بمقتدى الصدر، قامت بإحراق عدد من الخيام في هجومين وقامت بقتل اثنين من المتظاهرين في كانون الثاني/يناير 2020.

وكان آخر الهجمات قساوة ذلك الذي شنته ميليشيات تابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، عبر قيامها بالاعتداء على متظاهري الساحة بالعصي والهراوات والأسلحة النارية، واحرقت جميع الخيم في الساحة وسقط في ذلك الهجوم عشرة قتلى وتسعين جريحاً على الأقل، وكانت جميع هذه الهجمات على مرأى ومسمع من القوى الأمنية الحكومية. 

هذه التضحيات كلها تعزز، بحسب الكاتب علي الغريفي، من رصيد الناصرية في رفد ثورة تشرين بالأحرار الذين يعلمون معنى التهميش والاهمال، ويعرفون تماماً أن تحقيق المطالب لا يكون إلا بالنضال ودفع الدم، فعلاً وليس عبر الشعارات.

فثوار الناصرين حين يهتفون "بالروح بالدم نفديك يا عراق”، يعنون ذلك ويترجمونه في الواقع. بالفعل قدمت الناصرية الدماء والأرواح فداءً للعراق ولحرية ابنائه. وهذا ما جعل من ساحة الحبوبي رمزاً ثورياً عابراً للمحافظات، بحسب الباحث صلاح الموسوي، وكانت السبب الرئيسي في إقالة حكومة عادل عبد المهدي، بعد كسرها حاجز الخوف لدى باقي المحافظات، وقامت مؤخراً بتقديم نموذج ثوري ناجح عبر تغيير ثلاثة محافظين في الشارع، ودفعت ثمناً لهذا التغيير 6 قتلى وعشرات الجرحى. 

-daraj


PM:03:43:26/05/2021




592 عدد قراءة