"رمق".. حين يكون الصحفي هو القصة




قصص ليست من وحي الخيال وقلق مرعب عاش أحداثه صحفيون وصنّاع رأي خلال تأديتهم واجبهم المهني ونقلهم ما يحدث في العراق، لا سيما خلال انطلاق التظاهرات في تشرين الأول/أكتوبر 2019 ونقلها للرأي العام، وكان التهجير من نصيب البعض.

أمان في أوطان أخرى 

إقليم كردستان كان الملاذ الأفضل لأولئك الصحفيين، كونه يتمتع بحكم ذاتي مختلف عن بقية محافظات العراق، ومنها انطلق "المهجرون" الى اسطنبول وبيروت ودول أوروبية، وكان لا بد من بادرة تجمع كل ذلك الشتات، فنشأت "رمق" وهي رابطة عراقية مستقلة معنية بحقوق الشباب والصحفيين المبعدين قسراً من مناطقهم بسبب آرائهم ومواقفهم السياسية ومشاركتهم بالاحتجاجات الشعبية. 

وقد انبثقت الرابطة من منظّمة "إنھاء الإفلات من العقاب" غیر الربحیة في 19 حزيران/یونیو 2021، وتمّ تسجيلها وتوثيقها بشكل رسمي، وتمكّنت من تسليط الضوء على قضیة الإفلات من العقاب في العراق وما جرى من استهداف طالَ المدنيين والصحفيين خصوصًا بعد التظاهرات التي خرجت في العام 2019.

في حديث لشبكة الصحفيين الدوليين عن الفكرة والأهداف، قال الدكتور علي الخفاجي وهو أحد مؤسسي الرابطة التي تضمّ صحفيين وصنّاع رأي "إنّ عشرات الشباب اضطروا للفرار الى إقليم كردستان وتركيا ولبنان، منذ أواخر العام 2019، بعد تعرضهم للقمع والتهديد والملاحقات"، وأشار إلى أنّ "أعضاء الرابطة الذين يبلغ عددهم حاليًا نحو 100 عراقية وعراقي، يؤمنون بتمسكهم بحقوقهم الدستورية كأفراد وهو أمر لا يمكن أن يخضع للتنازل والمساومة".

أهداف الرابطة  

تسعى الرابطة إلى تعزیز وتقویة المناصرة الشعبیة الوطنیة التي تقوم بھا مجموعات من الشباب والصحفیین ونشطاء المجتمع المدني لتمكین أصوات الشباب العراقي. ولخّص الخفاجي أهداف الرابطة بما يلي:  

1-  اطلاع الرأي العام المحلي والدولي على قضية المبعدين قسراً من العراق (تسليط الضوء على الصحفيين وغيرهم). 

2-  توثيق التهديدات والانتهاكات التي تعرض لها المبعدون قسراً. 

3-  العمل على إسقاط الدعاوى السياسية الكيدية بحق الصحفيين والناشطين المبعدين قسراً. 

النقابات الصحفية على المحك 

ورأى الخفاجي أنّ أداء الكثير من النقابات والمراصد الصحفية داخل العراق غير كافٍ "فهي تكتفي بالاستنكار والإعراب عن القلق إزاء ما يحدث من انتهاكات واعتداءات بحق الصحفيين، ما يهدّد معايير حرية التعبير في العراق، لذلك على النقابات المعنية بعمل الصحفيين أن تقوم بواجبها المهني والأخلاقي تجاه ممارسات قتل وتهديد وتهجير الصحفيين المؤثرين في الإعلام العراقي، خصوصاً أولئك الذين يكشفون عن ملفات الفساد وقضايا العنف والجرائم بحق الإنسانية. وعليه على النقابات الصحفية تحمل مسؤولية الدفاع عن حقوق الصحفيين، وحمايتهم من الاعتداءات وتهيئة مناخ مستقر لعمل الصحفيين بحرية وكرامة، وما عدا ذلك سيتم إنهاء مهنة الصحافة وهو ما يؤثر على مستقبل البلاد وصورتها تجاه العالم في ظل عدم وجود قوانين رسمية لحماية الصحفيين، واستمرار الانتهاكات والتهديدات ضد أصحاب الرأي، وهذا يؤدي إلى تهجير الصحفيين وتركهم للبلاد، تزامنًا مع زيادة سطوة فئات تضلّل الرأي العام وتنشر أخبارًا غير دقيقة".

شاهد من الواقع 

"كل ما أمر به من صعوبات لن تجيب عنها مجرد أسطر"، هكذا استهلّ الصحفي الشاب حيدر الموسوي وهو عضو برابطة "رمق" الحديث عن تجربته القاسية التي دفعته لما وصفه بــ"المنفى" بعد خروجه من مدينته وسط العراق، مضيفًا أنّه "بعد انطلاق ثورة تشرين والمشاركة بها ومواكبة أحداثها، تسلسلت المواقف والظروف"، مضيفًا: "أنا ككثيرين ممّن مارسوا دورهم المهني والأخلاقي في توثيق هذه التظاهرات، تعرضت للعديد من المضايقات ورسائل التهديد وموجة من التحريض، وبعد الخروج من العراق أصبحت المساحة أكبر للحديث والنقد ما يُصعب علي العودة لبلدي" . 

ضمانات قانونية

المرصد العراقي للحريات الصحفية له رأي قانوني بهذا الشأن، حيث أوضح ممثل المرصد الصحفي الحقوقي محمد الشمري في حديث مع شبكة الصحفيين الدوليين أنّ المادة الثامنة من قانون حقوق الصحفيين رقم (21) لسنة 2011 نصّت على ما يلي:

- لا تجوز مساءلة الصحفي عمّا يبديه من رأي أو نشـر معلومات صحفية وأن لا يكون ذلك سبباً للإضرار به ما لم يكن فعله مخالفاً للقانون. 

والمادة التاسعة من ذات القانون نصّت على التالي:

- يعاقب كلّ من يعتدي على صحفي أثناء تأدية مهنته أو بسببها بالعقوبة المقررة لمن يعتدي على موظف أثناء تأدية وظيفته أو بسببها.

بناءً على ما تقدّم، يستطيع الصحفي الذي يتعرض لمضايقة في الداخل أو الذي أُجبر للهجرة لحماية نفسه اللجوء للقضاء وملاحقة المتسببين بالأذى الذي لحق به.

ومن ناحية الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الصحفيين، لا سيما عند الإطلاع على اتفاقيات جنيف وبروتوكوليها الإضافيين، يتضح من المادة الرابعة أنّ الحماية ممنوحة بموجب القانون، وتنصّ المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول على أنّ الصحفيين يتمتعون بجميع الحقوق وأشكال الحماية الممنوحة للمدنيين في النزاعات المسلحة الدولية. وينطبق الأمر نفسه على حالات النزاع غير المسلح بمقتضى القانون الدولي العرفي. ومن هنا يتضح حق الصحفي بالحماية ومنع التضيق عليه وحمايته من التهجير أو إجباره على ذلك.


AM:11:44:19/05/2022




112 عدد قراءة