لا تبقى وحدك اقتنِ كتاباً
د. أثير ناظم الجاسور

عندما نتحدث عن القراءة والكتاب فالحديث بكل ما تمتلك من مشاعر ينقلك لذلك الكائن الحي الذي يتعاطى بكل ما لديه من معلومة مع قارئه ويتفاعل الأخير مع الأفكار والأحداث التي يحتويها هذا الكائن المتحرك،

فالكتاب هو وسيلة التعرف على ثقافات ووسيلة إكتشاف العلوم ويخوض معك تجارب مختلفة في هذا العالم الذي بات معقداً ومتشابكاً بسبب التطورات الحاصلة والسريعة بين الحين والأخر، الكتاب هو ذلك الصندوق الذي يحدثنا عن تجارب الأمم والشعوب والسير التي تسرد لنا حياة أولئك الذين قادوا وعاشوا حقباً زمنية ومراحل تغيرت على أيديهم خارطة هذا العالم العلمية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية الخ.... من التغييرات التي لعبت دوراً مهما في هذا العالم، يحدثنا عن أولئك الفلاسفة الذين أغنوا الفكر البشري بالآراء والحوارات والمنطلقات الفكرية التي على أساسها تشكلت العلوم، لا زلنا نتحدث عن الكتاب والقراءة والاثراء الذي يرفد العقل من خلال الولوج في ثنايا الأفكار والنظريات والتحليلات والقصص والتدقيق في المراحل المفصلية التي شهدتها الإنسانية بما لها وما عليها، لازلنا نتحدث عن الفكرة التي من خلال الكتاب وكتابها ظهرت وترعرعت في العقول لتصبح حقيقة فلا يمكن ان نكتب من غير ان نقرا ولا يمكن ان نعلم من غير ان نطلع.

ومن هذه الأهمية التي يحملها الكتاب ولضرورة القراءة أخذت مجموعة من الشباب على عاتقها العمل كخلية النحل تربط الليل مع النهار وبنكران ذات عالٍ في سبيل أن تحتل القراءة حيزاً كبيراً في مرحلة أصبحت فيها عملية جني الكتب مسالة ثانوية بعد ان أنشغل المواطن والدارس بالظروف الحياتية التي ساعدت على أن تكون هذه الفكرة تحتل درجات متأخرة من التفكير، فما كان من مشروع " أنا عراقي أنا اقرأ" منذ انطلاق الموسم الأول له عام 2012 إلا وسيلة لإيصال الكتاب لأكبر عدد من القراء التواقين لاقتناء العناوين التي يرغبون، بالإضافة إلى ان هذه المبادرة ساعدت على ان يصل الكتاب لمن لا يحتمل دخله على شراء الكتب واقتنائها (ذوي الدخل المحدود) بسبب الأوضاع الاقتصادية والحياتية التي جعلت من الصعوبة الحصول على لقمة العيش فما بالك بالكتاب، هذا إلى جانب الاستفادة من الكتب من قبل طلبة الجامعات وطلبة الدراسات العليا بمختلف العلوم كمصادر علمية يعزز من خلالها أبحاثهم العلمية.

هذا العام 2021 هو الموسم الثامن لمبادرة "أنا عراقي أنا اقرأ" وتحت شعار "بالكتاب نبني الوطن" الموافق ليوم 27/ 11/ 2021 تم بذل جهد غير معقول وتفانِ منقطع النظير من حيث جمع الكتب وتصنيفها ورزمها رغم الظروف الصعبة وتحديداً الصحية ولأشهر طوال، صعاب وتحديات كبيرة واجهت شباب المبادرة الذين بإصرارهم ساهموا في تذليلها والسير نحو إنجاح المبادرة وبجهود ذاتية، في زحمة هذه الخيبات التي نعيش اليوم والخراب كان لابد من أمل يدفع الجميع نحو تحقيق منجز ثقافي يدعو للقراءة يحوي على (30) ألف كتاب توزع مجاناً من اجل خلق ثقافة القراءة واقتناء الكتاب، شكراً لكم كبيرة بحجم هذا الجهد الكبير وشكراً لكم لأنكم هنا.


AM:01:13:01/12/2021