المتبع فى المحاكم المصرية هو تطبق الشريعة الإسلامية في مسائل الميراث المتعلقة بالمسيحيين، نظرا لعدم وجود نصوص تتعلق بمسائل المواريث في الشريعة المسيحية، فالقانون يرد المسائل التي لا تحتوي على نصوص بالنسبة لغير المسلمين إلى العام، وهو القانون المستمد من الشريعة الإسلامية وبالتالي تطبق أحكام الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بمواريث المسيحيين.
وفي حالة وجود خلاف بين الورثة عند توزيع الأنصبة في التركة ترجع المحاكم للنصوص المتعلقة بالمواريث في الشريعة الإسلامية المستمد منها القانون وتقضي وفقا له، أما في حالة الموافقة بين الوارثين من الديانة المسيحية يتم توزيع التركة بينهم وفقا لشريعتهم.
وينص القانون رقم 25 لسنة 1944 على أن: "قوانين الميراث والوصية وأحكام الشريعة الإسلامية فيها هي قانون البلد فيما يتعلق بالمواريث والوصايا على أنه إذا كان المورث غير مسلم جاز لورثته في حكم الشريعة الإسلامية وقوانين الميراث والوصية أن يتفقوا على أن يكون التوريث طبقا لشريعة المتوفى".
وهناك حالات كثيرة لجأت الى المحاكم وحصلت على أحكام فريدة حول المساواة بين الجنسين فى ميراث المسيحيين الأرثوذكس ، وإنتصر الدستور والقضاء المصري، للائحة الأقباط الأرثوذكس بالتساوي بين الذكر والأنثى في الميراث، وذلك بعد حسم النزاع وفقا للائحة الكنيسة الارثوذكسية الصادرة على 1938 والمعدلة فيما يخص أسباب التطليق بتلك الطائفة، الأمر الذى يعود بالإيجاب على جميع المعاملات وعلى رأسها المعاملات العقارية للورثة.
هذه الإشكالية تحكم مسألة الميراث للمسيحيين فى معظم الدول العربية إن لم تكن كلها، وهو الملف المسكوت عنه ، أو حلة البخار المكتومة على غضب من مظالم كثيرة تتعلق بالأحوال الشخصية للمسيحيين .. وقد فتحت "الأردن" هذا الملف الشائك وقدمت حلا قد يكتب بداية جديدة لتعديل قوانين الميراث للمسيحيين.فقد وافق مجلس رؤساء الكنائس في الأردن على (مسودة قانون الوصايا والمواريث للمسيحيين في الأردن) بعد توافق الطوائف المسيحية عليها، لتساوي بين الذكر والأنثى في الميراث وتجيز الوصية لوارث، وفق ما قال عضو اللجنة المكلفة بإعداد مسودة مشروع قانون الإرث للمسيحيين المحامي نزار الديات.
وفي الأردن، تطبق الشريعة الإسلامية حول الميراث على جميع الأردنيين (ما يعني شمول المسيحيين في هذا النص) استناداً للمادة 1086 من القانون المدني الأردني والتي تنص على أن تعيين الورثة وتحديد أنصبتهم في الإرث وانتقال التركة يخضع لأحكام الشريعة الإسلامية.
"المشرع الأردني كان قد تدخل بحيث منع أن تقوم الأنثى بالتخارج عن حصصها الإرثية قبل مرور ثلاثة أشهر على تاريخ الوفاة في محاولة للحد من ظاهرة إجبار الإناث على التنازل عن حصصهم الإرثية للذكور من الورثة"، وهى الظاهرة المنتشرة فى مصر أيضا رضاءا أو قسرا !.وعملت اللجنة على تنظيم أحكام الإرث بالارتكاز على "مبدأ المساواة" بين الذكر والأنثى دون أي تفرقة بينهما في الحقو (حيث تم اعتماد مبدأ التوزيع بالتساوي على عدد أفراد الأسرة بمن فيهم الزوجة دون تمييز).ولم تخرج المسودة الإرث من حرم الأسرة إلا في أحوال ضيقة جداً وبما لا يتجاوز النصف في حال عدم وجود أبناء أو بنات للمتوفى.
وعمدت اللجنة إلى إقرار ما يعرف اصطلاحاً (بالوصية الواجبة) للذكور والإناث، وجعلت الابنة وارثا دون عصبة (أي أن البنت تحجب غيرها من الورثة في حالة عدم وجود ذكر وارث معها) وجعلت الكنيسة وارثا لما بعد الدرجة الرابعة.
هذه التجربة بكل ما فيها من إيجابيات وإنصاف للمرأة مهداة إلى "الكنائس المصرية" ، وذلك للعمل على نشر المساواة داخل الأسر المصرية و تفعيل دورها الهام الذى تنص عليه مادة (3) من الدستور:"مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية".وسوف تبقى قضايا أخرى شائكة وهامة على الكنيسة المصرية معالجته بالإتفاق مع الدولة مثل الطلاق الذى عالجته اللائحة 38 للأقباط الأرثوذكس.
وتطالب المحامية الأردنية "كريستين فضول"، أول قاضية كنسية بالأردن، بالتبني للعائلات المسيحية بالطائفة، حيث لا يسمح القانون الوطني الأردنى سوى "بالاحتضان" للعائلات المسلمة.. وهى الأزمة التى شهدتها مصر فى واقعة كفالة الطفل "شنودة".التبني أيضا موجود في لائحة 38 للأقباط الأرثوذكس ومنصوص في موادها 110 لـ 115، على شروط ومعايير التبني.. ودستور 2014 فعل نصوص اللائحة لأنه كفل احتكام غير المسلمين لشرائعهم في مسائل الأحوال الشخصية.هذه قضايا مصيرية تتحكم فى "الأمن الإجتماعى" للمصريين، ومعالجتها تبدأ من الكنيسة المصرية وتنتهى فى المجلس التشريعى .. فقط أتمنى أن نبدأ فى التغيير والإصلاح طالما أننا نسعى لتطبيق شريعة المسيحيين عليهم وهو مطلب عادل ودستورى.